ايتان هابر
قبل سنوات عديدة نشأ مفهوم جديد في القاموس السياسي الاسرائيلي: نافذة الفرص. في تلك السنوات، في بداية التسعينيات، لم تكن أي حاجة لأي تفسيرات عقيمة عن 'النافذة'. فالاتحاد السوفييتي انهار، وسوريا فقدت سيدها السوفييتي الذي كف عن نقل السلاح الى دمشق، م.ت.ف الفلسطينية كانت 'على الارضية' وغيرها. مؤكد انه كانت 'نوافذ' اخرى كهذه على مدى التاريخ الحديث، ولكن نافذة بداية التسعينيات تُذكر أكثر، خيرا كان أم شرا.
الحكمة السياسية عندما تُفتح 'نافذة' هي فهم ما يجري، النظر الى ما بعد طرف الأنف نحو الأفق التاريخي واستغلال الفرصة حتى النهاية، خشية ان تكون لمرة واحدة لا تتكرر.
اذا ها هي برأيي هذه الفرصة اليوم، الآن في هذه اللحظة ويحتمل ألا تتكرر. وهذا هو الوضع: في ضوء صعود الاسلام المتطرف، الاستفزازي والخطير، نشأ نوع من الائتلاف، التحالف الخفي بين الدول التي تخشى حتى الارتجاف خوفا منه. هذا الاسلام الخطير، مثل التسونامي الذي يجري على مسافات بعيدة عن الشاطيء، يقترب وأمواجه العالية قد تجرفنا جميعا، أعداء واصدقاء.
في عدد من الدول حولنا، كلها معادية لنا، لا تزال توجد نواة تحكم جدية لأناس يخشون مما سيأتي، وإن كانوا هم ايضا جزءا من الاسلام ذاته. هكذا يبدو الحال في تركيا، في السعودية، في بلدان الخليج، في الاردن، وحتى في مصر، سوريا ولبنان. من الصعب التصديق، ولكن تحت السطح وأضواء الاعلام، توجد اليوم ايضا، أمس، مسارات لجماعات الحكم في تلك الدول، تلك التي تنظر كل يوم عبر النافذة كي ترى اذا كان الاشخاص المخيفين ممن يحملون المجرفة يقتربون منها.
هذا هو، في هذه اللحظة، وضع انتقالي. السلطات الاخرى، السابقة، رحلت، والجديدة لم تثبت جيدا بعد. في مسيرة طويلة المدى، ربما لسنوات، لن يصمد على ما يبدو أي حكم 'معتدل'. سيف الاسلام سيحيط بنا.
وبالتالي فقد نشأ نوع من التحالف غير الموقع بين عدد من الدول العربية واسرائيل، وكل غير الموقعين على ذاك الحلف مدعومون ومستعينون بقوة الولايات المتحدة التي لا تزال شديدة. امريكا اوباما وإن كانت ترتكب ألف خطأ في الاسبوع في كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، إلا أنها لا تزال قوة عظمى يرتعد كل العالم منها، باستثناء بعض قادة المستوطنين بالطبع.
الفرضية الأساس هي انه في الزمن القريب، ولا يزال في داخل 'نافذة الفرص'، لا ننخرط في حرب: حرب تدفع مصر الى الانهيار والتي حلمها اليوم ان تخبز أكثر ما يكون من الأرغفة لاطعام 80 مليون فم. الاسد السوري، الذي من المنطقي جدا ان يفتح النار في الجولان كي يصرف الانتباه عن الحرب عنده في البيت، يحافظ على الهدوء في هذه الجبهة. وأبو مازن نفدت 'بطارياته' وليس لديه طاقات في المناطق، وحتى حماس يبدو ان لها جدول أولويات لا يضعنا في البند الاول. ولكن لدرء سوء الفهم نقول: في مسيرة تاريخية طويلة، قد تستغرق سنوات، ستغمر موجة الاسلام الشرق الاوسط بأسره وستضع دولة اسرائيل في هذا الخطر أو ذاك. في هذه اللحظة، من ناحية الاسلاميين سيحرفهم الهجوم على اسرائيل عن الاتجاه التاريخي السليم، برأيهم. ينبغي لنا ان نعطيهم 'الحظوة' على أنهم يفهمون الامر.
في الاسلام الزاحف على المدى البعيد ينبغي ان نبحث في مكان وزمان آخر، ولكن هذا هو الزمان والمكان للبحث في 'نافذة الفرص' إياها الموجودة في هذه اللحظة، قبل ان تنغلق على أصابعنا.
في هذا السياق، اذا لم ينهض زعماء في اسرائيل وفي تلك الدول التي ذكرنا أسماءها آنفا، في الصباح وأول ما يسألون أنفسهم هو ماذا فعلنا حتى اليوم وماذا سنفعل اليوم كي نمضي بالتفاهم المتبادل فآجلا أم عاجلا ستندلع حرب.
يديعوت
صحف عبرية











التعليقات