محمد واموسي

تحولت المراهقة الفرنسية من أصول عربية آسية السعيدي ذات الـ15 ربيعا إلى أشهر مراهقة يجري البحث عنها في فرنسا، بعد أن غادرت بيت عائلتها في مدينة «فيلفونتين» في إقليم «رون ألب» في الجزء الجنوب الشرقي من فرنسا بهدف التوجه إلى سوريا للإنضمام إلى «داعش».


ووضعت السلطات الفرنسية كل أجهزتها الأمنية في حالة استنفار للوصول إلى المراهقة التي لا تزال على ما يبدو داخل التراب الفرنسي تتحين الفرصة المواتية للسفر إلى تركيا ومنها إلى سوريا بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية.
ودخلت الحكومة الفرنسية على الخط حينما جعلت من قضية البحث عن المراهقة المختفية والوصول إليها قبل مغادرتها التراب الفرنسي أولوية أمنية قصوى، خاصة بعد أن فشلت الأجهزة الأمنية خلال الشهور الماضية في منع مراهقات ومراهقين من السفر إلى سوريا بهدف المشاركة في «الجهاد».


وفي اتصال هاتفي مع «القدس العربي» قال ماتيو بوريت مدعي عام مدينة «فيين» الذي يتولى شخصيا متابعة الملف «إن الفتاة المراهقة هربت من منزل عائلتها بغرض التوجه للمشاركة في أعمال الجهاد في سوريا وقد كتبت ذلك علانية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك باسم مستعار، كما أنها كانت على تواصل مستمر مع أفراد شبكات تجند مقاتلين للذهاب إلى سوريا عبر مواقع التواصل الإجتماعي ما سمح للمحققين بتحديد أسباب اختفائها المفاجئ، خاصة بعد دخولهم إلى حسابها على موقع فيسبوك وفحص الرسائل الواردة اليها والمحادثات الفورية التي أجرتها مع بعض أفراد الشبكات، وهذا أظهر للسلطات وبشكل لا لبس وجود طموح لدى المراهقة بالسفر إلى سوريا».
وفتح المدعي العام الفرنسي تحقيقا قضائيا بعد إبلاغ والدي آسية السعيدي عن اختفائها المفاجئ من البيت وانقطاعها عن الدراسة، لتباشر الأجهزة الأمنية بحثها عنها في محاولة للوصول إليها قبل مغادرتها الحدود الفرنسية، خاصة بعد ان أكدت التحقيقات أنها سحبت خلال الساعات القليلة الماضية مبلغا ماليا حدد بنحو 550 يورو من جهاز سحب آلي في مدينة مرسيليا عبر بطاقة ائتمان مصرفية مملوكة لوالديها.
وتسعى السلطات الأمنية الفرنسية أيضا إلى الوصول إلى خيوط الشبكة التي عملت على تجنيدها عبر «فيسبوك» وتتبع تحركاتها في ظل اتساع ظاهرة سفر مراهقات مسلمات من فرنسا إلى سوريا خلال الأيام الماضية رغم تشديد الحكومة لقوانين السفر الخاصة بالمراهقين، حيث بات لا يسمح لهم بمغادرة الحدود الفرنسية دون وجود ترخيص من أولياء أمورهم.
ووزعت مصالح الدرك الفرنسي صورتين للمراهقة آسية السعيدي على جميع المطارات والموانئ والمنافذ ونقاط الحدود واحدة تظهر فيها وهي ترتدي الحجاب والثانية من دونه، كما عممت مذكرة توقيف في حقها على جميع دول «شينغن» الأوروبية في محاولة لمنع سفرها من باقي دول الاتحاد الأوروبي في حال تمكنها من مغادرة فرنسا عبر القطار أو الحدود البرية.
وكانت السلطات الأمنية الفرنسية قد فتحت منتصف شهر ايلول/سبتمبر الماضي تحقيقا قضائيا حول انتقال عائلة بكامل أفرادها إلى سوريا بهدف المشاركة في القتال الدائر هناك، ويتعلق الأمر بفرنسي يدعى إيدي لوغو اعتنق الإسلام مؤخرا وغير اسمه إلى زايد.


وبحسب السلطات فإن زايد سافر برفقة زوجته جيهان مخزومي وبناته الثلاث من زوجته السابقة اللواتي يبلغن من العمر ما بين 3 إلى 5 أعوام. إضافة إلى رضيع يبلغ من العمر شهرا ونصف.
وكانت الشرطة الفرنسية قد اعتقلت الأسبوع الماضي مراهقة أخرى أثناء محاولتها السفر إلى سوريا والإنضمام إلى الجهاديين الإسلاميين، وفقا لبيان أصدره وزير الداخلية الفرنسي برنار كازينيف.
وقال الوزير الفرنسي أن شرطة المطار أوقفت الفرنسية المراهقة التي تبلغ من العمر نحو الـ 16 عاما بعد الإشتباه في محاولتها السفر إلى سوريا عبر تركيا، مؤكدا في الوقت ذاته أن الشرطة ألقت القبض أيضا على شخص آخر كان معها يبلغ من العمر نحو 20 عاما بتهمة تجنيد الفتاة المراهقة والتكفل بمصاريف رحلتها الجوية دون علم أسرتها بسفرها إلى خارج البلاد.
من ناحية أخرى سارعت وسائل الإعلام الفرنسية إلى نشر قصة المراهقة الفرنسية من أصل مغربي «نور» ذات الـ15 ربيعا بعد ان توصل والداها في مدينة «أفينيون» جنوب فرنسا بعد شهور على تواريها عن الأنظار واختفائها بمكالمة من مجهول يطلب منهم يدها للزواج يدعى أن ابنتهم موافقة وهي معه في سوريا.
نور كانت قد غادرت بيت أسرتها وانقطعت عن دراستها أيضا دون أن تترك خلفها أي إشارة إلى مكان وجودها، حيث حملت معها جواز سفرها ومبلغا ماليا واختفت عن الأنظار ما اضطر والديها إلى المسارعة إلى مركز الشرطة القريب منهم للتبيلغ عن إختفائها.


ولم تنجح التحقيقات القضائية في تحديد مكانها قبل أن يفاجأ والد الفتاة بمكالمة من شخص مجهول ادعى أنه خطيب ابنتهم «نور» ليطلب يدها منه للزواج بشكل رسمي قبل ان تطلب البنت المختفية من والدها عبر المكالمة نفسها الموافقة على زواجها من «الجهادي» المرافق لها.
وحسب شقيق المراهقة فإن «المتصل كان يستخدم رقما هاتفيا تركيا وإن الاتصال الأول كان باللغة العربية والثاني باللغة الفرنسية» حيث حاول المتصل أن يشرح لهم أن الزواج يمكن أن يتم مباشرة عبر الهاتف وهو جائز وشرعي، لكن العائلة رفضت طلبه، وانقطع الإتصال.


قضية سفر مراهقات فرنسيات إلى سوريا بهدف القتال والإنضمام إلى «داعش» لم تقف عند هذا الحد، بل تواصل نزيف الظاهرة تاركا وراءه أكثر من علامة استفهام بشأن الوسائل التي تستخدمها بعض الشبكات المتخصصة لإقناع ضحاياهم والإيقاع بالمراهقين قبل الكبار.
وصادقت الجمعية العمومية «البرلمان» على ترسانة من القوانين شددت بموجبها قانون مكافحة الإرهاب، حيث بات بوسع الحكومة أن تطلب من مزودي خدمات الإنترنت منع الوصول إلى هذه المواقع على غرار قانون يحظر المواقع المتضمنة لمواد إباحية عن القاصرين ومنعهم من السفر دون ترخيص من أولياء أمورهم. إضافة إلى العديد من الإجراءات التي تمنع الخروج من البلاد وتجريم أي مخطط إرهابي فردي وغيرها من القرارات التي تهدف إلى وقف توجه الجهاديين إلى سوريا والعراق للمشاركة في المعارك.

&