طارق مصاروة
&
دخل الاتحاد السوفياتي المنطقة العربية من خلال صفقات «السلاح التشيكي»، بعد أن اختارت الولايات المتحدة تسليح إسرائيل لتكون أقوى من العرب مجتمعين، وحين قرر عبدالناصر أن يدخل معركة التحرّر الوطني الجاد، وأمّم قناة السويس، قرّر الاتحاد السوفياتي أن يتجاوز حدود تصدير السلاح إلى المساهمة في بناء السد العالي!!.
&
الآن يعود الاتحاد الروسي إلى المنطقة من خلال مصر.. مرة أخرى، فسوريا بوضع نظامها المتهالك ليست مدخلاً، وإيران، بطبيعة ايديولوجيتها، تجعل من تحالفاتها الدولية حالة صراع طائفي، في منطقة حبلى بالعداوات التاريخية.
&
الاتحاد الروسي يدخل المنطقة من الباب المصري، لأن الولايات المتحدة والغرب يمارسون أغبى سياسة يمكن لأية قوة عظمى مقارفتها، سواء في عقدة الشرق الأوسط الفلسطينية، أو في تورطها بحروب دموية من العراق إلى ليبيا.. أو تحالفها غير المفهوم مع الحركات الدينية الأصولية التي جعلت من حربها على الإرهاب أحجية لم يبتلعها أحد!!.
&
الرئيس بوتين يعرض كأي أوروبي زائر إمكانات العمل الاقتصادي المشترك مع دولة في حجم مصر: يعرض تكنولوجيا الطاقة واستثمارات صناعة النفط.. مفاعل نووي لانتاج الكهرباء، والاستعداد لاكتشاف حقول نفطية وغازية جديدة واستثمارها، وإقامة صناعات مساندة للمشروع العملاق: قناة سويس موازية، في مدن جديدة جارة للإسماعيلية وبورسعيد.والروس ليسوا في حالة حرب باردة مع أميركا والغرب ليطالبوا بتحالف استراتيجي مع مصر.
&
انهم يقبلون بالتعاون دون تسجيل نقاط على الغرب وأميركا، فمصر سيدة خياراتها تتعاون مع الغرب ومع الشرق حسب ما تمليه مصالحها...بالمناسبة نحن نجد التعامل مع الصديق الروسي مريحاً، فلا هو يفرض شروطاً، ولا نحن نطالب بما يحرج. ولعل العرب يفتحون عيونهم أكثر على طبيعة العلاقات الدولية المتغيّرة. فأكثرنا ما يزال يبحث عن &الاتحاد السوفياتي العظيم، أو يبحث عن إثارة أو خلق عداوات جديدة.. لا يملك السلاح لمحاربتها!!. ولعل متاجرة النظام السوري بروسيا تشبه الاتحاد السوفياتي، هي جزء من الحالة المرضية.. حالة قصر النظر في فهم ما يدور في هذا العالم!!.