عاطف قدادرة
غداة إعلان نتائج الانتخابات الاشتراعية الجزائرية التي أظهرت خسارة حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم، الغالبية المطلقة في البرلمان، سيكون الحزب ملزماً بالتودد لحزب الموالاة الثاني «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي حلّ ثانياً، مسجلاً تقدماً كبيراً من حيث عدد المقاعد، من أجل مجابهة كتلة الإسلاميين التي قد تعقد بدورها تحالفات جديدة تحت قبة البرلمان.
وصنعت نتائج انتخابات البرلمان التي أجريت الخميس الماضي، مفارقة جديدة داخل البرلمان، عبر إتاحة الفرصة أمام 10 أحزاب على الأقل لتشكيل كتل برلمانية يحق لها اقتراح مشاريع قوانين والدعوة إلى تشكيل لجان تحقيق.
وأعلنت وزارة الداخلية في وقت لاحق مساء أول من أمس، أن نسبة المشاركة لم تتخط حدود 37 في المئة، وهي ثاني أقلّ مشاركة منذ العام 1991 حين أجريت أول انتخابات برلمانية تعددية.
وهاجم رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية عبد الرزاق مقري «المقاطعين» وسألهم: «بعد الآن، ماذا أنتم فاعلون؟». وحصل حزب مقري على 33 مقعداً بالتحالف مع «جبهة التغيير» الإسلامية أيضاً، مثيراً انتقادات واسعة.
وذكر الأمين العام لـ «جبهة التحرير الوطني» جمال ولد عباس أن تراجع نتائج حزبه بنحو 50 مقعداً «سببه تشتت الأصوات مع دخول عشرات الأحزاب الجديدة سباق البرلمان»، من دون أن يبدي تمسكاً بحق حزبه في قيادة الحكومة، لافتاً إلى أن رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة مَن يقرر ذلك «بعد استشارة الغالبية».
وليس واضحاً ما إذا كان تعبير الغالبية الوارد في الدستور يخص الحزب الفائز وحده، أم الأحزاب التي تسيطر على غالبية المقاعد في البرلمان، وفي هذه الحالة سيكون الأمين العام لـ «التجمع الوطني الديموقراطي» أحمد أويحيى معنياً بالاستشارة قبل تعيين رئيس للحكومة المقبلة، المتوقعة الأسبوع المقبل.
واشترط ولد عباس على التشكيلات السياسية التي تريد التحالف مع حزبه، العمل وفق برنامج رئيس الجمهورية، معتبراً أن اتهامات مقري بخصوص تزوير حزبه للانتخابات «كلام فارغ».
وانتقدت زعيمة حزب العمال لويزة حنون نتائج الانتخابات بشدة، وتمسكت باتهام «الإدارة بتزوير كثير من نتائج المحافظات على حساب حزبها». وشبهت حنون سادس انتخابات برلمانية تعددية بانتخابات العام 1997، والتي يُعتقد ان نسب التزوير فيها فاقت كل الحدود لمصلحة «التجمع الوطني الديموقراطي».
وقالت إن نسبة المشاركة المعلنة لا تمت بصلة إلى الأرقام الحقيقية، التي قالت إنها لم تتجاوز نسبة 15 في المئة، بخاصة وأن بعض الولايات والمناطق، شهدت حرباً استُعملت فيها السيوف والخناجر ومختلف أنواع الأسلحة البيضاء من الرافضين للنظام. وأضافت حنون أن «عملية حشو الصناديق تمت جهاراً نهاراً، الأمر الذي جعل الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات تسعى إلى إلغاء النتائج في بعض المناطق».
وبدأ مراقبون يرشحون اسمي كل من، سيد احمد فروخي متصدر لائحة «جبهة التحرير الوطني» في العاصمة لرئاسة البرلمان، وغانية داليا متصدرة قائمة الحزب في البليدة والتي حققت 9 مقاعد من أصل 13 في المحافظة حيث ترشحت.
وأظهرت نتائج الانتخابات تقدم بعض حلفاء بوتفليقة من خارج «الجبهة» و «التجمع»، وحقق «تجمع أمل الجزائر» موقعاً مهماً في البرلمان وكذلك فعلت «الحركة الشعبية الجزائرية». إلا أن أبرز ملاحظات حزبي المعارضة «جبهة القوى الاشتراكية» و «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» هو عدم تمكنهما من الحصول على غالبية مطلقة في منطقة القبائل، كما ان مشاركتهما معاً لم تنفع المنطقة في أن تزيل عنها صفة «الأقل تصويتاً» حيث حلت كل من تيزي وزو وبجاية في صدارة المحافظات المقاطِعة.
ولا يُستبعد ان يسعى تحالف «حركة مجتمع السلم» و «جبهة التغيير» الى السعي للتحالف داخل البرلمان مع تكتل اسلامي آخر يضم 3 أحزاب، ويبدو الأمر صعباً وفق مراقبين بحكم صراعات عميقة بين قادة التحالفين، لكن وسطاء باشروا عملاً في هذا الاتجاه وفق مصادر تحدثت إلى «الحياة».
التعليقات