صالح عبدالعزيز الكريم

كانت فكرة وصول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى المدينة المنورة عبر وسيلة القطار رائدة، فهي لفتة من سموه إلى هذا الإنجاز الحضاري الكبير الذي يخدم المواطنين والمقيمين والحجاج والمعتمرين ويمنح المملكة العربية السعودية وصف «الجديدة» حقا، فقد كان حلما وأصبح حقيقة، وأهل المدينة المنورة لهم قصة مع القطار، أبرز معالمها أنه أثر من الآثار القديمة الرابضة في نهاية العنبرية وكان يسمونه الاستصيون ويتخذ فرجة للأطفال، ومع أنه كان ينظر إليه على أنه إنجاز حضاري في زمن غابر، إلا أن قطار الحرمين الشريفين اليوم الذي يربط المدينتين المقدستين مكة والمدينة مرورا بجدة، لهو بصمة إنجاز سعودي حضاري وتاريخي، ويفوق ما كان سابقا من حيث تقنياته ومبانيه وفكرته بأنه يربط مكة المكرمة (مكان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعثته) والمدينة المنورة (مهجره وقبره)؛ فهو تأكيد لمعنى الهجرة النبوية وخدمة لضيوف الرحمن، بقي أن نذكر أن القطارات من طبيعتها أنها تحتاج إلى صيانة مستمرة وقد يحتاج مستقبلا إلى دراسة وضع القرى التي يمر بها من ناحية خدمتها واستخدام القطار لأغراض النقل. إن تشريف ولي العهد المدينة المنورة باستخدامه القطار يحمل وسام أول مسؤول سعودي يصل إلى طيبة الطيبة عبر القطار.

أما ما حمله هذا الأسبوع من إنجازات تصب في أن السعودية اليوم سعودية جديدة فهو الإنجاز الدبلوماسي الكبير مع كل من ألمانيا وكندا؛ فتراجع ألمانيا عن موقفها اتجاه المملكة والرغبة في تنشيط العلاقات، بعد أن مرت بفترة من الفتور يدل على أن توجه الدبلوماسية السعودية وفق مسيرتها التاريخية أنها - دولة لا تتدخل في شؤون غيرها وتؤكد دائما عدم السماح في التدخل في شؤونها الخاصة - حكمة بالغة وسير سياسي ناجح، وممَّا يؤكد ذلك رغبة كذلك كندا في مراجعة سياستها مع المملكة وهي تنتظر اللقاء مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لتتخذ في ذلك خطوات إيجابية في علاقتها مع السعودية، ولا شك أن وضوح الرؤية لدى قيادة المملكة وثبات مواقفها في عهد خادم الحرمين الشريفين يقف خلف هذه الإنجازات الدبلوماسية، إضافة إلى النبض الشبابي السياسي والتحركات التي يقوم بها سمو ولي العهد في زياراته وتواصله مع الدول الكبرى، مما حجم التحرك السياسي الإيراني ومنح المملكة الثقة مع تلك الدول وكذلك الجهود المباركة التي تقوم بها وزارة الخارجية، ممثلة بالوزير الناجح حواريا عادل الجبير، وما تقوم به سفارات المملكة في الدول الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية عبر سفيرنا الشاب الأمير خالد بن سلمان الذي له دور كبير في ذلك، وفق الله بلادنا لمزيد من الإنجاز الحضاري والدبلوماسي.
&