فاتح عبدالسلام
فيما كان المرء يقرأ عن مأساة قرية صغيرة قرب كركوك اقتحمها تنظيم داعش وأعدم أربعة رجال من سكانها ورحل ،كانت الأخبار الكثيرة عن تشكيل حكومة جديدة في بغداد تنهال من حوله متهافتة إلى حد الثرثرة الزائدة التي لا معنى لها ، لاسيما إذا رجعنا إلى احصائية مذهلة من العمليات القتالية التي شنّها التنظيم ذاته، وقتل فيها عراقيون كثيرون في مناطق مختلفة من العراق .
وبدا العراق كأنه يتحضر لمعركة جديدة من معارك البطر والتفاهة المعتادة في الساحة السياسية من اجل ارضاء هذا واستمالة ذاك في التشكيل الوزاري الذي تصدّعت رؤوسنا بصفة الاستقلالية التي أضفيت عليه قبل أن يظهر، كما سبق أن أضفي مصطلح التكنوقراط على الحكومات السابقة جميعها ، في حين انها كانت مستنقعات للفساد والتبعية الحزبية وجر البلاد إلى مزيد من الانهيار.
رئيس الحكومة المكلف، يجب أن يدرك أنّ آخر حلقة استهلاكية في المزاد السياسي في العراق هي منصب وزير ومن هو بدرجته، وان الحلقات الفاعلة التي تمسك بجميع مفاصل امكانات العراق البنكية والتجارية والنفطية والدبلوماسية والاستثمارية هي بأيدي ذوي درجات أقل، لكنهم أكثر مضاءاً من حد السيف المرهف في اتخاذ جميع القرارات التي تحفظ امتيازات الجهات التي تقف معهم ووراءهم .
لا مجال للحديث اليوم عن أية شخصية مهما كانت صفاتها جيدة ،. تنال أعلى منصب تنفيذي ، ويمكن لها أن تغامر في فترة انتقالية خوض معركة ضد “بناة الدول” المتنفذة داخل الدولة العراقية منذ سنوات، مادام المشهد السياسي مستقراً على ثوابته العامة المعروفة .
التعليقات