ربما شغلتنا القمة الخليجية في العلا بأخبار المصالحة ومآلاتها وعودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل يونيو 2017، لكن الأهم الذي أود أن ألفت النظر إليه هو أن رئاسة القمة (41) هذه السنة لدى البحرين، ويترتب على هذه الرئاسة أعمال كثيرة ومتواصلة لتفعيل التفاهمات والاتفاقيات التي توّثقت في البيان الختامي.

إنها حتما ليست بالمهمة اليسيرة لكن القيادة البحرينية ودبلوماسيتها النشطة لن تتباطأ، بل ستبذل كل ما في وسعها للمضي قدما في الحوار الخليجي تحقيقا للأهداف المستقبلية المرجوة.

وتدليلاً على ذلك، فقد سبق أن قدمت البحرين رؤية متكاملة لتطوير العمل الخليجي، وأقرها المجلس الأعلى في دورته الثلاثين، وتم تنفيذ عدة مقترحات من أبرزها:

1- إنشاء لواء التدخل السريع الخليجي كإضافة إلى درع الجزيرة والتي تغيّر مسماها إلى القيادة العسكرية الموحدة لدول التعاون.

2- إنشاء مركز العمليات البحري الموحد ومقره البحرين، وله حتما إسهامات في حماية إمدادات النفط وخطوط الملاحة الدولية في الخليج العربي.

كما أن الرئاسة البحرينية بلا شك سوف تهتم مع الأمانة العامة للمجلس بمتابعة التنفيذ الكامل لرؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، والتي أُقرت في الدورة السادسة والثلاثين لاستكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسة خارجية موحدة.

وإذا كانت البحرين منحت أولوية الاهتمام بالجوانب الدفاعية لما تفرضه الأحداث الملتهبة في المنطقة، فإنها لم تغفل أيضا عن الاهتمام ببناء التحالفات الاستراتيجية بين الخليج والمجموعات الاقتصادية الناهضة، فعلى سبيل المثال وقبل عشر سنوات نجحت البحرين في تنظيم المؤتمر الأول لدول مجلس التعاون والآسيان، وسوف تعمل حاليا على تعظيم الاستفادة مما تم تطويره من أدوات متقدمة للتعاون في إطار مجموعة العشرين خلال فترة رئاسة المملكة العربية السعودية للمجموعة، ولعمري إن الارتباط الوثيق للمصالح الاقتصادية مع مثل هذه المجموعات مفيد جدا في دعم قضايا المجلس في المنظمات والمحافل الدولية.

وعلى هذا النسق سوف تتابع البحرين أيضا تفعيل «المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها» الذي تم تأسيسه في هذه القمة، كبادرة خليجية مشتركة لمواجهة الأوبئة التي يشهدها العالم حاليا.

ونافل القول انها ليست بالمهمات اليسيرة لكنها ليست عصية على التنفيذ في ظل إرادة صلبة ورؤية واضحة ونية وعزم لتغليب المنفعة العامة للبقاء على كيان شامخ لا تزلزله الملمات بقدر ما تقوي أركانه.