منطقة غنية بالنفط والمياه تعاني الفقر والعطش.. هذا هو حال إقليم الأحواز الذي يضم أكثرية عربية، حيث يعاني سكانه من الاضطهاد المنظم والتجويع والقهر من قبل السلطات الإيرانية، التي تسعى بشكل ممنهج لتهجير الأحوازيين وتشتيتهم في محافظات إيران.
احتجاجات الأحواز وحراكهم قديم جديد حيث أنهم يطالبون بحقوقهم منذ سنوات طويلة، وقد حاولوا أن يدفعوا النظام القمعي في طهران إلى احترم إرادتهم وتحقيق مطالبهم لكنهم دائماً يقابلون بالحديد والنار، وأخيراً في مؤامرة مفضوحة قامت السلطات الإيرانية بتجفيف جزء من نهر كارون بهدف نقل مساره من إقليم الأحواز ومحافظة خوزستان إلى شمال شرق المنطقة نحو زايندهرود وأصفهان.
وهذا النهر يعتمد عليه السكان بشكل كبير في الزراعة والري، حتى أن مناطق واسعة جفت ونفقت قطعان من المواشي، ويهدف النظام الإيراني إلى تعطيش السكان ودفعهم لمغادرة مناطقهم نحو محافظات أخرى بهدف تسهيل السيطرة عليهم من خلال تهجيرهم وتشتيتهم وتفقيرهم وهذا ما يدركه تماماً سكان الأحواز العرب.
ويسعى نظام الملالي في طهران إلى إحداث تغيير ديمغرافي في مناطق العرب عبر نقلهم إلى مناطق في الداخل الإيراني وأخرى بعيدة عن الأحواز، وإحلال سكان جدد مكانهم بالإضافة إلى إفراغ مناطق أخرى من السكان تماماً، لتكون مقرات لشركات دولية تسعى للتنقيب عن النفط، وطهران تسعى منذ سنوات طويلة لسلخ الأحوازيين عن ثقافتهم ولغتهم وأرضهم لهدفين، الأول يتعلق بمنطقتهم الغنية بالثروات الطبيعية إضافة إلى موانئ بحرية وقربهم من الخليج، وهو ما يشكل هاجسا لدى النظام الذي يريد تهجيرهم وتشتيتهم.
السلطات الإيرانية تحاول نشر أخبار كاذبة مفادها أن التظاهرات الأحوازية مدفوعة من الخارج خوفاً من أن تنضم باقي الأقليات إلى التظاهرات نتيجة ارتفاع نسبة الفقر
الهدف الآخر يتعلق بهوية الأحوازيين الذين يتجاوز تعدادهم مليوني نسمة يعيشون في خوزستان ومناطق قريبة ويتحدثون العربية، لذلك يسعى النظام لإحلال عناصر فارسية من محافظات أخرى مكانهم، وقد عمدت السلطات الإيرانية إلى قمع الناشطين الأحوازيين وقتلهم وملاحقة كل من يعترض، كما ميزتهم في التعامل سواء من ناحية توفير فرص العمل أو حتى تسهيل حياتهم العادية، لا بل تعمد إلى التضييق عليهم بشكل متكرر حتى وصل الأمر إلى مياه الشرب والري.
ردة فعل الأحواز هذه المرة كانت مختلفة فالأمر وصل إلى التعطيش المتعمد، لينتفض أهلها ويخرجوا في مسيرات عارمة امتد صداها سريعاً إلى مدن أخرى، منها طهران حيث خرج أحوازيون من سكان العاصمة في تظاهرات مطالبة بحقوقهم الأساسية، ويتخوف النظام الإيراني من أن تمتد التظاهرات نحو أقليات مضطهدة أخرى مثل الأكراد، حيث تتعمد السلطات ذات المنهجية في القمع المتكرر ومخططات التغيير الديمغرافي، وأيضاً في مناطق ذات غالبية أذرية حيث يقتسمون الظلم مع باقي القوميات المضطهدة.
وتحاول السلطات نشر أخبار كاذبة مفادها أن التظاهرات الأحوازية مدفوعة من الخارج خوفاً من أن تنضم باقي الأقليات إلى التظاهرات خاصة من الناقمين على النظام والفقراء والمهمشين، حيث ترتفع نسبة الفقر في البلاد بسبب سياسات طهران في التدخل في دول الجوار، بهدف تصدير ما يسمى بالثورة الإسلامية، التي هي في الحقيقة وسيلة لسيطرة رجال الدين على السلطة في البلاد، وهذه التدخلات تستنزف الاقتصاد الإيراني وتتسبب في حصار اقتصادي، يضاف إليه تعنت طهران ومحاولتها تصنيع سلاح نووي يهدد المنطقة برمتها، كل ذلك تسبب في حالة نقمة شعبية ليس في أوساط الفقراء فقط، بل المثقفين والناشطين الذين عانوا من حالة قمع الحريات وتسلط رجال الدين على كل مفاصل الحياة في البلاد.
سبق لإيران أن شهدت حراكاً شعبياً عارماً زعزع كيانها وهدد نظام الملالي، وربما تكون هذه الشرارة بداية لثورة عارمة تعيد للشعب الإيراني حقوقه ولتحظى جميع الأقليات بعيش كريم ولائق.
التعليقات