عبارة تشي بالتهديد والوعيد، وعبارة تشي بحضور السلاح وسلطة عنف وسطوة ارهاب للدولة أولًا وللآخرين لا سيما الذين كسروا حاجز الخوف وصوتوا ضد فريق الارهاب «حزب الله».

في علم النفس والسيكيولوجيا المضمرة في الداخل تنفلت في لحظة عبارة أو جملة تكشف المستور وراء خطاب تم التحضير له بدقة ليظهر الوجه الآخر المقنع بقناع التعايش والسلمية وقبول التعددية وما إليها من شعارات تسويقية وترويجية في حملات البروباغندا السياسية.

لكنها سيكيولوجية «حسن» الاستعلائية التي جُبلت في السنوات الاخيرة على استعراض قوتها باستعلاءٍ نفسي يرفض الظهور «مجرد الظهور» بمظهر تسامحي أو تصالحي، مدفوعًا بغرور قواته وسلاحه ونفوذ مليشياته.

«لو بدنا نعطل الانتخابات كنا عطلناها» عبارة تحدٍ تصيبُ الديمقراطية اللبنانية في مقتل، فالسلاح بهذا المنطق لزعيم حزبٍ مليشياويٍ كامل العدة والعتاد، جاهز لتقويض أي مشروع ديمقراطي سلمي يمكن ان يعيد للبنان لحمته ووحدته.

ناهيك عن ان السلاح الذي يلوح به حسن «لو بدنا نعطل الانتخابات كنا عطلناها» يفتح الطريق واسعًا في ثنايا التهديد أمام احتمالات حرب أهلية بمقدور مليشيات حسن ان تشعلها فتحرق لبنان عن بكرة أبيه وتقضي على ما تبقى منه.

سلاح هذا الحزب كان المعضلة الكبرى التي اعاقت لبنان من ان يخرج من كوارثه، وها هو حسن الذي طالما ردد وطالما برر وجود السلاح بحوزة مليشياته بأنه لردع «العدو الاسرائيلي» ها هو اليوم يلوح مهددًا بهذا السلاح «لتعطيل الانتخابات» إذا ما أراد ولا يستطيع أحد أو طرف بما فيها الدولة ان تحول بينه وبين ذلك.

وانفعالات حسن التي لا يستطيع كبحها في الفترة الاخيرة جعلته في آخر خطابٍ له بمناسبة اعلان نتائج الانتخابات التي صدمت حزبه وحلفاءه، يوزع اتهاماته بلا دليل ولا بُرهان وبلا اثبات ضد دول اقليمية وعواصم خليجية من جهة ويبرئ ساحة الايراني من دعم حزبه وجماعاته في الانتخابات ليقع هو نفسه في مأزق ما اعترف به قبل فترة ليست بالطويلة حين أعلن امام الجميع ان «سلاح الحزب ومصرياته وأكله وشربه ورواتب أعضائه ومليشياته من ايران» والتسجيل متداول بالصوت والصورة لحسن وهو يعترف بذلك على رؤوس الاشهاد.

تغول هذا الحزب في سطوته وجبروت سلاحه منعه وحال بينه وبين ان يعيد قراءة الواقع اللبناني ومتغيراته وتحولاته بعقل واقعي يوازن ما بين هذه الحيثيات وما بين ما يمكن ان يطرأ على المشهد اللبناني والمزاج الشعبي اللبناني أمام صناديق الاقتراع.

وكانت النتائج صادمةً بالنسبة له وقاسية في اوساطه وبين حلفائه الذين وضعوا كل اوراقهم في سلته وراهنوا عليه حصانًا سيصل بهم إلى قاعة مجلس النواب ومقاعده فخذلهم لتهتز ثقتهم فيه ويعيدوا حساباتهم.

«كعب أخيل» أو مقتل السياسي عندما يعمي الغرور بصره وبصيرته فلا يرى سوى قوته وجبروته حتى امام صناديق الاقتراع والانتخابات التي لا تنقع معها القوة والسطوة والجبروت، بل يكون استعراضهم والتلويح والتهديد بهم سلبيًا ومعاكسًا، وهو ما حدث لحزب حسن وحلفائه ومناصريه الذين ضاعفوا بشكل مستفز في السنوات الاخيرة استعراضات القوة والجبروت حتى ألغوا آخر وجود وأدنى وجودٍ للدولة بوصفها ناظمًا للعلاقات، فكان ما كان.