هكذا اختتمت مؤسسة الجيش الأحمر الياباني «فوساكو» أول تصريح لها بعد إطلاق سراحها من السجن الذي قضيت فيه 20 عامًا بتهمة القيام بأعمالٍ إرهابية خطيرة.

كثيرون من هذا الجيل العربي لم يسمعوا عن الجيش الأحمر الياباني الذي كان ملء سمع وأبصار العالم العربي، وكان جيل السبعينات من اليسار العربي الجديد آنذاك متيمًا حدّ العشق الثوري بالجيش الأحمر الياباني.

فالجيش الاحمر الياباني «يساري طفولي متطرف»، كان ينسق ويخطط ويشارك أفراد منه في عمليات خطف وتفجير الطائرات في عمليات وصفت بالثورية آنذاك من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش، وكان مهندس عمليات الاختطاف وديع حدّاد.

كانت الجبهة الشعبية وكان وديع الحداد ابتدعوا خطف الطائرات وأخذ ركابها رهائن للمساومة عليهم نظير اطلاق عناصر وكوادر فلسطينية مسجونة في اسرائيل، وغالبًا ما انتهت عمليات الخطف إلى لا شيء تمامًا وكانت نهايتها تفجير الطائرات بعد اخلائها من الركاب في مطار صحراوي بالأردن أطلقت عليه الشعبية اسم مطار الثورة.

الجيش الأحمر الياباني ارتكب من جانبه وبعناصره عددًا من العمليات الإرهابية إلى الدرجة التي دفعت مؤسسة الجيش الاحمر الياباني إلى الاعتذار من ضحايا عمليات جيشها السابق «أعتذر عن الآلام التي تسببت فيها مع الجيش الأحمر لأناسٍ ابرياء لا نعرفهم».

وبعد عدة عمليات إرهابية باسم «الثورة» ارتكبها الجيش الأحمر الياباني في أوروبا وعددٍ آخر من العواصم تم القبض عليها ليصدر حكم بسجنها 20 عامًا.

استقبلتها الجبهة الشعبية بقيادة حبش استقبالاً كبيرًا في السبعينات وأقامت في بيروت وهناك وضعت ابنتها اثر علاقةٍ عاطفية مع أحد ناشطي الجبهة الشعبية وذلك عام 1973.

اما وديع الحداد فقد توفي وفاةً غامضةً كما وصفتها التقارير، وقيل إن المخابرات الاسرائيلية قد قتلته سرًا وبالسم، فيما ذهبت تحليلات أخرى إلى ان جماعة وديع حداد تخلصت منه اثر خلافاتٍ حادة صدر على اثرها قرار من الشعبية بتجميد عضوية حداد و13 عنصرًا من فريقه فانشق وديع حداد وتوفي في المانيا الشرقية عام 1978 لينهي مسيرة طويلة له بدأت من حركة القوميين العرب عام 1958 ومن الجامعة الامريكية ببيروت التي كان يدرس فيها على نفقة اهله الذين كانوا ميسوري الحال فألحقوه بتلك الجامعة باهظة التكاليف يومها في رسومها الدراسية.

وديع حداد الذي بدأ حياته قوميًا حتى النخاع حين شارك في تأسيس حركة القوميين العرب مع الدكتور احمد الخطيب «الكويت» وجورج حبش «فلسطين» وهاني الهندي «سوريا» وحامد الجبوري «العراق» وانتهى «يساريًا» متطرفًا قاده التطرف إلى ارتكاب مجموعة عمليات إرهابية خطيرة ان لم يكن بالتنفيذ فبالتخطيط الذي نجح فيه وبرع واستمر حتى جمدت عضويته، واصبح ملاحقًا من اكثر من جهة ومطلوبًا لاكثر من عاصمة.

وديع حداد شخصيًا رتب الاتصالات مع الجيش الأحمر الياباني منذ نهايات ستينات القرن الماضي، وزعيمه ومؤسسة الجيش الأحمر عاشت في الشرق الاوسط وفي الشرق عمومًا 38 عامًا وتم ايقافها عام 2000 في بلدها الاصلي «اليابان» وأعلنت في ذلك الوقت حلّ الجيش الاحمر من داخل زنزانتها وفي بداية سجنها.

قالت انها ستقضي بقية عمرها مع ابنتها في بلدها اليابان وستكتب مذكراتها وتروي سردياتها عما كان يُسمى بالكفاح المسلح، ولعلها ستقف كثيرًا عند شخصية وديع حداد وربما وقفت اكثر مما وقف رفاقه الذين انقسموا بين تمجيده وبين تحميله أوزار اخفاقاتهم وعثرات جبهتهم.

فالنقد الذاتي مصطلح لم يدخل بعد قاموس حركاتنا السياسية العربية.