نظام قم وطهران صنع له أكثر من معارضة تابعة في الولاء ليستطيع اللعب والتلاعب باوراقها.
منذ انقلابه وتنكيله الشرس بالقوى التي أطاحت بنظام الشاه، بدأ خميني وأعوانه «الأفندية» من خريجي المدارس الامريكية والفرنسية مدعومين بعمامات قم وطهران «قبل أن تبدأ حرب التصفيات بينهم» بمشروع صناعة معارضة بحسب مقاييس وتوجهات نظام الولي الفقيه تمهيدًا وتوطئة لمشروع التوسع الفارسي في نسخته الصفوية الخمينية.

وكانت «المادة الخام» لتلك الصناعة متوفرة أساسًا في أحزاب التشيع السياسي الممتدة في المنطقة من لبنان وسوريا مرورًا بالعراق وصولاً إلى الخليج العربي الذي شهدت بلدانه تنظيماتٍ سرية للتشيع السياسي بنكهته المطأفنة منذ ستينات القرن الماضي.

فانسكبت هذه «المادة الخام» تنظيمات التشيع السياسي الولائي بشكل تنافسي في المصنع الايراني فشدّ الرحال اليها سرًا وعلانية قادة تلك التنظيمات وكوادرها المتقدمة، فكان ما كان مما نعرف وتعرفون.

واضح تمامًا أن نظام خميني استلهم فكرة صناعة المعارضة أو المعارضات من النهج والفكرة النازية، فهي صاحبة مشروع صناعة المعارضات على مستوى عالمي إن صحت التسمية أو التشبيه الوصفي، فقد اشترت النازية وحلفاؤها المعارضات القابلة الشراء تحت عنوان الخلاص من الاستعمار الانجليزي أو الفرنسي ومن الهيمنة الغربية وقتها.

النظام الخميني استلهم الفكر وطورها بشكل أكثر خطورة على محيطه المجاور عندما افتتح لهم معسكرات تدريب ورتب دورات عسكرية بإشراف عسكريين وفنيين في صناعة المتفجرات والعبوات مستغلاً ذلك النظام مناسبات الزيارة ليدس بينها عناصره للوصول بعدها إلى تلك المعسكرات التي فرخت للنظام الايراني وبشكل مبكرٍ على نشأته في ايران أو حكمه لإيران، فرخت مجموعاتٍ كبيرة كان كامل ولائها والتزامها للنظام الايراني وتعمل وفق أجندته.

واللافت هنا أن معظم إن لم يكن مجمل تلك التنظيمات من أحزاب ومجموعات التشيع السياسي بدلت أو بالأدق انقلبت على عقيدتها السياسية السابقة وأصبحت تؤمن بنظرية الولي الفقيه وهي التي لم تكن تؤمن بها بل كانت تناصبها شيئًا واضحًا من العداء.

فحزب الدعوة بجميع فروعه في الخليج أصبح مؤمنًا ومرتهنًا ومدافعًا عن نظرية الولي الفقيه ويعمل وفق إيقاعها، وكذلك تيار الشيرازيين في الخليج العربي تبنى نظرية الولي الفقيه وصار من أتباعها، وهو الذي كان يناصبها عداءً معلنًا في السابق.

ولأن مشروع شراء الولاءات الايراني قد نجح، فقد تابعنا اليسار العربي بشيوعيته وتقدمييه يُلقي بنفسه في أحضان سياسة نظام طهران ويسير خلف ممثليها في بلدانه مثل لبنان والعراق والبحرين ويسلمهم قيادة في تبعية لا تحتاج إلى برهان.

ولأن نظام قم وطهران استمرأ صناعة المعارضات وشراء الولاءات بغض النظر عن الايديولوجيات في بازار الشراء والبيع، فقد صنع له أكثر من معارضة تابعة في الولاء ليستطيع اللعب والتلاعب بأوراقها ويضمن بقاءها تابعة مطيعة بشكل سلس وسهل، فلا تستقوي لإحساسها بوجود بدائل لها كما في العراق، حيث تناسخت المجموعات الولائية تحت يافطات عديدة وهي في النهاية في طوع إشارة قم وطهران.

وحتى الحوثيون/‏ أنصار الله غيروا من عقيدتهم الزيدية الشيعية سابقًا وانتقلوا إلى عقيدة الولي الفقيه في صفقة بيع وشراء أعلن في نهايتها الحوثي كامل ولائه وانتمائه لنظرية خميني وخامنئي.

وجميع هذه التنظيمات الولائية استمرارها وبقاؤها مرهون باستمرار وبقاء نظام الولي الفقيه، وستكون ولائيةً أكثر من الولي الفقيه لأنها تدرك أن بقاءها مرتبط فيه حبلها السري ببقائه واستمراره بما يدفع بها إلى إشعال المنطقة بأعمالها الارهابية.