متى كانت أول مرة حضرت فيها موكب استعراض. جال هذا السؤال في خاطري حين كنت أقف خلف خمسة أطفال من أصل صيني وقفوا ينتظرون موكب الاحتفال بالسنة الصينية الجديدة، قبل وصوله بخمسة وأربعين دقيقة، أول موكب سيحضرونه في حياتهم تقول الأم، أكبرهم كانت في سن الخامسة، وأصغرهم لا يزال رضيعا.

ما الذي يجعل الناس يقفون على صفي شارع عريض، في كل أنواع الجو، حر أو برد أو حتى مطر، بانتظار موكب استعراضي، هل هي الفنون التي يقدمها الموكب من أزياء ورقص ولوحات وموسيقى، أم هي المشاركة الجمعية، حيث يشعر الجميع أنهم مرتبطون بشكل ما، ينتظرون حدثا ما، حتى لو كان موكب استعراض، أم هي المناسبة أو الحدث الذي يعبر عنه الموكب، والذي يجعل الحضور متضامنين نوعا ما، أو شهود على ترابطهم فيما يخص هذا الحدث. وضعت كل الأسباب التي خطرت ببالي، بقي أن أسأل نفسي، ما الذي دعاني للحضور وأنا في العادة لست ممن يحضرون المواكب، ليس رفضا لفكرتها ولكن لأنني بشكل عام لا أحب الأماكن المزدحمة.

حضرت مشاركة لصديقتي التي كان يبدو أنها مهتمة، لكن ذلك الوقوف المترقب من الجميع، وذلك الانتظار. وذلك البحث من الجميع عن أفضل مكان لرؤية الموكب جعلت الموضوع محفزا للبحث والكتابة.

يبدو أن لمسيرات الاستعراض تاريخا قديما جدا، بدأ مع إنسان الكهف، الذي كان يعود منتصرا من معركته مع الطبيعة لصيد غذائه، فكان يعود حاملا غنيمته، متبخترا بين الناس، ومن هنا بدأت المسيرات، يبدو أن من الألقاب والتعريفات التي يجب أن نضيفها للإنسان أنه حيوان متبختر. لكنها ليست صفة خاصة به، فأين نحن من الطواويس.

استمرت المواكب والاستعراضات باستمرار المناسبات التي خلقها الإنسان في تاريخه، كان هناك مسيرات دينية وأخرى عسكرية وهكذا.

وحتى اليوم تقام الكثير من المواكب في كل الدول لمختلف المناسبات، لكن هناك مواكب استعراض شهيرة جدا وتحدث بشكل سنوي وينتظرها الناس ويعدون لها العدة لأنها أصبحت تقليدا مهما يملؤهم الحماس للمشاركة فيه، منها مثلا كرنفال الألوان في الهند، أو الماردي جرا في مدينة نيو اورليانز الأمريكية، وطبعا كرنفال ريو البرازيلي الشهير.

لكن هل يوجد لدينا مواكب استعراضية سنوية فنية دائمة في العالم العربي. أعرف أن هناك احتفالات ومهرجانات، لكنني أتحدث عن المواكب الاستعراضية السنوية هل هي موجودة. بودي لو أعرف، حتى لو لم أحضرها، فقط لأتأكد أن حس الاستعراض لازال بخير لدى الإنسان العربي.