اعتادت الذائقة الغنائية والموسيقية في مجتمعات الخليج العربي الأغاني الشعبية بفنونها المختلفة، وفي مقدمتها فن الصوت الشهير، قبل أن يؤدي ظهور الإذاعات العربية وبدء انتشار أجهزة الراديو، إلى أن تألف آذان الناس أنماط الموسيقى والغناء الآتية من بلدان عربية أخرى، في مقدمتها مصر والعراق.

وطبيعي أن يكون لأغاني السيدة أم كلثوم دورها في ذلك، وهذا ما يعرض له الكاتب البحريني إبراهيم راشد الدوسري، في كتابه الصادر مؤخراً «البحرين والخليج العربي في زمن أم كلثوم»، في تناوله لبدايات تعرّف الجمهور في بلدان المنطقة إلى أغانيها، ارتباطاً بتأسيس الإذاعة المصرية في عام 1934، التي كانت تبث أغاني «كوكب الشرق»، وسرعان ما تخطى صيت أم كلثوم الحيز المصري لتصبح ظاهرة عربية شملت، فيما شملت، بلدان الخليج.
ويقف الكتاب أيضاً عند أثر نشوء دور السينما، خاصة في البحرين، في تمكين الجمهور من متابعة ما شاركت فيه أم كلثوم من أفلام، قدّمت فيها بعض أغانيها المبكرة، ومع تنامي دور مصر في الحقبة الناصرية، ومكانتها في قلوب كل العرب غدت كلثوم أحد أبرز عناوين تلك المكانة.

ويشير الكاتب إلى أن زيارة أم كلثوم الخليجية الأولى كانت إلى دولة الكويت في عام 1963 بدعوة من الجمعية الثقافية النسائية فيها لإحياء حفلين هناك، حيث حظيت بحفاوة شعبية منقطعة النظير، واستقبلها أمير الكويت حينها، الشيخ صباح السالم الصباح، في قصره، قبل أن تحيي حفليها في يومين متتاليين على مسرح سينما الأندلس، وقدّمت فيهما مجموعة من أغانيها الشهيرة.
ولم تكن تلك زيارة أم كلثوم الوحيدة إلى الكويت، فقد تلتها زيارة ثانية في عام 1968 في إطار الحفلات التي أحيتها في غير بلد لدعم المجهود الحربي بعد هزيمة يونيو 1967، وأضفى هذا البعد للزيارة زخماً إضافياً على الاستقبال الشعبي لها في الكويت في مناخ عربي كان فيه المدّ القومي قويّاً.

البلد الخليجي الثاني الذي غنت فيه أم كلثوم كان الإمارات، حيث زارت أبوظبي في عام 1971 للمشاركة بحفلين في فعاليات عيد الجلوس الخامس لمؤسس الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وتضمّن برنامج زيارتها لقاء معه، ويومها وجهت «كوكب الشرق» تحية إلى الإمارات جاء فيها: «أشكركم على هذه الحفاوة التي قوبلت بها منذ اللحظة الأولى التي وصلت فيها إلى هذه الأرض العربية الغالية».