لا يوجد في العالم من دعم القضية الفلسطينية كما دعمتها المملكة، وكل منصف ومتابع يعرف ذلك جيداً، ففي عام 1948هـ تاريخ النكبة كانت المملكة حاضرة ضمن القوات العربية التي دافعت عن الحقوق الفلسطينية، وامتداداً لذلك فقد شاركت في كل المحافل السياسية والدولية إلى اليوم دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة على أراضيه المحتلة، وما زالت على هذا النهج، متمسكة بمواقفها الثابتة، وعملها الدؤوب، منفردة أحياناً وبالشراكة مع آخرين أحياناً أخرى.

* *

وإذا كان الدعم السعودي ليس وليد اليوم، وإنما يمتد إلى عقود مضت، وأنه تنوع بين المادي والسياسي والدبلوماسي والعسكري والاقتصادي، ودون أن يتوقف، رغم وجود ما يبرر إيقافه لو أن الحسابات السعودية تأثرت بالمواقف السلبية نحو المملكة من قبل بعض الفصائل الفلسطينية، لكن المملكة دولة كبيرة، ويحكمها نظام يقيس الأمور بفكر خلاق ونظرة واقعية، ويتعامل مع القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية من منظور عروبي وإسلامي وحقوقي غير آبه بما يتحدث به بعض اخواننا الفلسطينيين من كلام لا يليق بالمملكة ولا بهم.

* *

ولأن الموقف بزمانه ومكانه لا يستدعي العودة إلى الماضي بكل صوره وإيجابياته الجميلة، فإنه يكفي أن نتناول الحاضر مع شيء من التبسيط عن موقف المملكة مما يجري الآن من إبادة جماعية للشعب الفلسطيني في غزة، بحجة الدفاع عن أمن إسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة من الدول الأوروبية، ومن لأمريكا تأثير عليهم من حلفائها وأصدقائها، وهو ما واجهته المملكة بمواقف تنوعت بين الإغاثة والدبلوماسية.

* *

فقد سارعت المملكة إلى عقد قمة عربية إسلامية في الرياض، وتوصل المجتمعون إلى قرارات مفصلية لإيقاف الحرب، والدعوة إلى التسريع نحو خيار الدولتين بشكل جاد، وذلك ضمن قرارات كثيرة ومهمة، وضمنها تشكيل وفد وزاري عربي إسلامي برئاسة وزير خارجية المملكة يجوب الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ويلتقي برؤسائها لشرح أبعاد وخطورة استمرار القتال على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتداعياته على توسيع رقعة القتال، وتصعيده بما قد يجعل أطرافاً أخرى تدخل في معترك القتال.

* *

وللمملكة منفردة تصريحات مهمة تستنكر العدوان الإسرائيلي، سواء ما صدر عن مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان، أو ما صرح به ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية فيصل بن فرحان وغيرهم، للمطالبة بوقف حمام الدم والإبادة الجماعية والتهجير القسري التي تقوم بها إسرائيل، وفي شأن الدعم الإنساني والإغاثي العاجل في مساعدة الشعب الفلسطيني، تحركت من الرياض 24 طائرة محملة بـ573 طناً من المساعدات مشتملة على مواد إيوائية، ومواد طبية، ومواد غذائية و14 سيارة إسعاف، كما شملت المساعدات 3 بواخر محملة بـ401 حاوية من مساعدات طبية وغذائية وإيوائية، و289 حاوية مواد طبية، و112 حاوية مواد غذائية وإيوائية.

* *

وهناك اتفاقيات أبرمتها المملكة لتنفيذ مشاريع عاجلة للنازحين في قطاع غزة تشمل قطاعات الأمن الغذائي والإيواء والصحة وسوء التغذية والمياه والإصحاح البيئي والاستجابة الطارئة بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبرنامج الأغذية العالمي، وما زالت البواخر والطائرات في حركة مستمرة لنقل المزيد في المستقبل.

* *

ولم تقتصر المساعدات على ما تقدمه الدولة للشعب الفلسطيني، بل إنها فتحت الباب أمام المواطنين لمن يرغب في تقديم العون للشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك ضمن ثقافة الدعم المعتاد لدى المواطنين كلما كانت هناك جائحة، أو حاجة للمساعدة، وكانت النتيجة أن تبرع المواطنون بما مجموعه 544 مليون ريال، وهو موقف لا يضيف جديداً على ما اعتاد عليه الإخوة الفلسطينيون رسمياً وشعبياً من المملكة قيادة وشعباً، وللتذكير فإن المملكة تقدم هذا الدعم، وليس لها من هدف أو غرض أو مصلحة إلا أن ترى الشعب الفلسطيني في وضع أفضل.

* *

وبعد: دلوني على دولة في العالم تتبرع لفلسطين، وتقف إلى جانب فلسطين بمثل ما فعلته المملكة مع فلسطين على امتداد التاريخ، وما تقوم به الآن بنفس الاهتمام، دون أن تمنّ أو تباهي بذلك، أعان الله أبناء فلسطين على تحمل تواطؤ أمريكا وكثير من دول العالم ضد حقوق الفلسطينيين دعماً لإسرائيل التي تحتل أراضيهم، وتمارس معهم كل أنواع وأشكال منع حقهم في حياة حرة كريمة ضمن دولة على أراضيهم التي تحتلها إسرائيل.