قد يكون موضوع مكرر، أو تم طرحه عدة مرات، ولكن يبقى حيوياً ومهماً التذكير به وإعادة النقاش حوله، وهو تأثر الأجيال بالتطورات التقنية المختلفة، خاصة في مجالات الاتصالات. هذا التأثير الذي يحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية. ومع هذا فإن التطور ودخول أنماط سلوكية جديدة بسبب ثورة الاتصالات، ليس خياراً أو انتقاء بقدر ما هو حتمي وبديهي.لأن التقنيات الحديثة باتت جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمعات البشرية المختلفة، والأكثر تأثراً بها هم من في مقتبل العمر، حيث أثرت بشكل عميق في سلوكياتهم وتفاعلاتهم الاجتماعية.على سبيل المثال الهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، كما هو ملاحظ وملموس تلعب دوراً مركزياً في تشكيل تجارب الفتيات والشباب، وطرق تواصلهم، وأيضاً طرق اكتساب الخبرات والمعارف والمعلومات.يلاحظ أن منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، x باتت من ضمن الوسائل للتفاعل والتواصل. دراسة أجراها معهد Pew Research Center عام 2020 أظهرت أن 95% من الشباب الأمريكيين يستخدمون الإنترنت، وأن 45% منهم يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة رئيسية للتواصل مع أصدقائهم. ومع أن شريحة هذه الدراسة من المجتمع الامريكي إلا أنه يمكن اعتبارها مثالاً وعينة عن مجتمعات أخرى في مختلف أرجاء العالم.والحقيقة أن هذا انتقال من التواصل الشخصي إلى التواصل الرقمي، وقد يكون له تأثير في قوة العلاقات، أو في نوعيتها، لأن التفاعلات الرقمية أقل عمقاً من التواصل المباشر، وأكثر سطحية.وقد نتج عن هذا حالات وأعراض نفسية واجتماعية على الأفراد، وهذا ما خلصت له دراسة نُشرت في مجلة Cyberpsychology، Behavior، and Social Networking عام 2019 جاء فيها: «أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يرتبط بزيادة مستويات القلق والاكتئاب بين الشباب. هذا الاستخدام المفرط قد يكون مرتبطاً أيضاً بالشعور بالعزلة، حيث يقضي الشباب وقتاً أطول في التفاعل عبر شاشات صغيرة بدلاً من التواصل وجهاً لوجه».الذي هو بديهي، أن التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة ضرورة وحاجة ملحة، دون شك، وهي عماد للتطور والتقدم، لكنها لا تعوض عن التفاعل البشري والتواصل الواقعي.وما نحتاجه هو التوازن في السعي نحو التقنية والتعامل معها، وفي اللحظة نفسها فهم احتياجات الإنسان النفسية والاجتماعية، ومنح كل جانب ما يستحق من الاهتمام والرعاية.www.shaimaalmarzooqi.com
- آخر تحديث :
التعليقات