إذا كانت علاقات المملكة بدول الخليج العربي، قبل رؤية 2030 راسخة ومتطورة، فهي بعد الرؤية أكثر رسوخاً وتطوراً، وذلك بعدما عزمت المملكة -وفقاً لمستهدفات الرؤية- على تعزيز علاقاتها بدول العالم، بالشكل الذي يعزز المصالح المشتركة، ويحقق تطلعات القيادة الرشيدة، والمواطن، وليس خافياً على أحد أن العلاقات السعودية بدول الخليج، تستمد قوتها من روابط تاريخية راسخة، ووحدة المصير المشترك، وتبقى علاقات السعودية بدولة قطر على وجه التحديد، نموذجاً فريداً لعلاقات أخوية مستدامة، تربط بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين، وهو ما تجلى في أروع صوره، أثناء الزيارة الأخيرة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، إلى الرياض، بناءً على دعوة كريمة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-.
تفاصيل الزيارة، وما شهدته من اتفاقات وتفاهمات، تعكس رغبة البلدين الصادقة، في استمرار تطوير العلاقات بينهما، والوصول بها إلى أبعد نقطة من التعاون الذي يثمر عن شراكة حقيقية وشاملة، تنعكس إيجاباً على مصالح البلدين، وتجسد هذا الأمر، في توقيع اتفاقية مشروع قطار السعودية ـ قطر السريع، ليكون أول قطاع من نوعه بين دولتين خليجيتين، يسهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد الشعبين، باختصار زمن المسافة بين عاصمتي البلدين إلى نحو 130 دقيقة فقط، بطول 785 كيلومتراً.. اجمالي طول سكة الحديد، الذي بات رمزاً مكتوباً لهذا المشروع النوعي.
مشروع القطار، بهذه الأوصاف والإمكانات، يجسد رؤية القيادة السعودية، ونظيرتها في قطر، لرسم ملامح مستقبل أكثر ترابطًا وازدهارًا، وهو ما يجعل المشروع نموذجًا حقيقيًا للتنمية المستدامة، وتعزيز الترابط بين مواطني البلدين، وتسهيل حياتهم، بعدما يصبح التنقل بين الرياض والدوحة أسرع وأسهل، وأكثر راحة أماناً.
وما كان لمشروع القطار السريع أن يبصر النور بكل هذا الزخم من الثقة والتفاؤل، لولا أنه نال اهتماماً مباشراً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لرغبتهما- حفظهما الله - في تعزيز مسار التكامل في العلاقات مع قطر، الأمر الذي يجعل الإعلان عن تفاصيل مشروع القطار، بمثابة لحظة لا يغفلها تاريخ العلاقات بين السعودية وقطر، وترسخ التعاون الثنائي بينهما.
ولأن المملكة لا تقدم على تنفيذ مشروع ما، إلا وتنظر أولاً إلى جدواه الاقتصادية، بحسب مستهدفات رؤية 2030، فمشروع القطار السريع مع قطر، سيكون له مفعول السحر بتطوير بنية تحتية حديثة ومستدامة بين البلدين، تدعم التبادل الاقتصادي بينهما، وتعزز جودة الحياة، وتوفر خيارات نقل متطورة، فضلاً عن تحقيق التنويع الاقتصادي، وتعزيز السياحة المتبادلة، ورفع كفاءة قطاع النقل، ليكون عنصرًا محوريًا في بناء مستقبل أكثر اتصالًا، وأكثر ازدهارًا لشعبي البلدين، ليس هذا فحسب، وإنما سيسهم المشروع بحسب التوقعات، في دعم الاقتصاد المحلي للبلدين، بمساهمة تُقدّر بـ115 مليار ريال سعودي، مع إيجاد 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في البلدين.
















التعليقات