برز في الأيام الأخيرة أكثر من مؤشر إلى ارتفاع منسوب التوتر بين سوريا وإسرائيل. وبدا أن الجهود الأميركية لإبرام اتفاق أمني بين الجانبين، لم تأتِ أُكلها، وتحولت دمشق إلى نقطة خلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. في الأشهر الأولى التي تلت سقوط نظام بشار الأسد وقيام نظام جديد برئاسة أحمد الشرع، ساد التفاؤل واشنطن بإمكان إبرام اتفاق أمني بين دمشق وتل أبيب، يكون مقدمة لمعاهدة سلام في وقت لاحق. لكن سرعان ما اكتشفت إدارة ترامب أن ثمة الكثير من الصعوبات التي تعترض التوصل إلى الاتفاق الأمني. فسوريا تطالب بانسحاب إسرائيل إلى حدود اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، بينما نتنياهو يرفض ذلك ويتمسك باحتلال قمة جبل الشيخ وأراضٍ سورية أخرى خارج المنطقة العازلة، وصولاً إلى ريف دمشق، ويصر على جعل الجنوب السوري كله منطقة مجردة من السلاح، فضلاً عن المطالبة بممر إلى محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية. في الذكرى الأولى لسقوط النظام في سوريا، ترددت سلباً في إسرائيل أصداء هتافات الدعم لغزة من جنود سوريين شاركوا في عرض عسكري بدمشق. وطلبت الحكومة الإسرائيلية من الولايات المتحدة أن تصدر السلطات السورية الجديدة تنديداً بهذه الهتافات. وقبلها بأيام، وصف الشرع خلال مشاركته في "منتدى الدوحة" الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها إرهاب، وقال إن إسرائيل تثير بلا داعٍ شبح هجوم آخر، على غرار هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على حدودها. وأضاف أن "إسرائيل صارت دولة تقاتل الأشباح". وندد بقتل نحو 15 مدنياً خلال توغل إسرائيلي في بلدة بيت جن أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. والأسبوع الماضي، تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن "حادثة" في القنيطرة القديمة بين قوة إسرائيلية ومواطنين سوريين، خلال جولة قام بها المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة السفير مايك والتز والمندوب الإسرائيلي داني دانون في المنطقة. وعلى الأثر، صرح وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي أن "الحرب على سوريا باتت حتمية". وتزامن ذلك مع نشر صحيفة "معاريف" الإسرائيلية خبراً عن استعدادات في هضبة الجولان السورية المحتلة لمواجهة هجوم محتمل يحاكي هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول 2023 على غلاف غزة. الشرع مشاركاً في الاستعراض العسكري بدمشق. (أ ف ب) التطورات على "الجبهة السورية" تلاها نفي إسرائيلي رسمي للتوصل إلى اتفاق أمني مع دمشق، والإشارة إلى أن ما جرى هو عبارة "عن اتصالات برعاية أميركية من دون التوصل إلى تفاهمات". والتوتر مع دمشق يعزز وجهة نظر كثيرين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط ممن يعتقدون أن إسرائيل تريد أن تبقى سوريا ضعيفة ومقسمة على أسس طائفية وعرقية، الأمر الذي يتسبب بعرقلة الجهود الأميركية لدعم السلطات الجديدة. ورأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن ترامب ينظر إلى سوريا كـ"حليف جديد"، بينما تتمسك إسرائيل بـ"موقف عدائي" حيالها. وتسارع وتيرة التصعيد مع سوريا هو أحد النقاط الشائكة التي ستكون مطروحة على طاولة المحادثات بين ترامب ونتنياهو في فلوريدا في 29 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في وقت ينصب الاهتمام الأميركي على كيفية توفير الشروط الملائمة للانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الأميركية في غزة. ومع الهدوء الهش في غزة ولبنان، أظهر استطلاع للرأي في إسرائيل أعده "معهد الديموقراطية الإسرائيلي" أن 71 في المئة من المستطلعين يتوقعون استئناف القتال مع "حزب الله" في لبنان، بينما يرى 69 في المئة أن صراعاً واسعاً قد يندلع مع إيران، ويعتقد 53 في المئة أن المواجهة مع "حماس" في غزة ستتجدد. والآن، يضع التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل جهود ترامب في غزة ووعوده بأن تكون هذه المنطقة منطلقاً لـ"السلام الأبدي" على المحك.
- آخر تحديث :















التعليقات