دمشق فضلت حِمى حزب أنطون سعادة على quot;حزب اللهquot;؟
سفارة سورية في شارع الحمرا تثير ردود فعل متناقضة
سفارة سورية في شارع الحمرا تثير ردود فعل متناقضة
إيلي الحاج من بيروت : ينظر أهالي رأس بيروت بشيء من القلق وشيء من اللامبالاة أيضاً إلى اختيار دمشق مبنى في أحد الشوارع المتفرعة من شارع الحمرا ليكون مقراً موقتاً لسفارتها في لبنان . لكنهم يرحبون إجمالاً بهذا التطوّر في العلاقة بين البلدين الذي يعني إعترافاً رسمياً نادراً من سورية باستقلال جارها الأصغر مساحة وعدد سكان بعد طول تحاشٍ للبحث في الموضوع تحت شعار رفعه الرئيس الراحل حافظ الأسد :quot; لبنان وسورية شعب واحد في دولتينquot;.
وبصرف النظر عن صحة الشعار ومراميه، والذي لم تلجأ إليه العهود السابقة في سورية لتعلّل رفضها التاريخي إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين خلافاً لما كان عليه الوضع بين سورية وكل الدول العربية الأخرى، تلاحظ لدى التلميح إلى رفع العلم السوري في الشارع إمارات عدم إرتياح على وجوه غالبية من سكان الشارع وتجاره. إمارات تشي بأن الجماعة من مؤيدي قوى الغالبية 14 آذار/ مارس، ولا سيما منها quot;تيار المستقبلquot;. في حين تعني النظرة الضاحكة التي تحتل وجوه بعضهم أنهم من أنصار الحزب السوري القومي الإجتماعي الذي احتفظ بحضوره التقليدي في تلك البقعة من بيروت، من أيام مؤسس الحزب أنطون سعادة الذي سكن تلك المنطقة على تقطع من الثلاثينيات حتى إعدامه عام 1949. وكان يدرّس اللغة الألمانية في الجامعة الأميركية القريبة من مقر السفارة أيضاً.
الأكيد إن سعادة واضع نظرية quot;سورية الكبرىquot; لو بقي على قيد الحياة لكان رد فعله على فتح السفارة نقيض ما يبدو من أتباع عقيدته التي تقول بوحدة quot;الأمةquot; ndash;quot;الشامquot; والعراق والكويت والأردن وفلسطين و... قبرص أيضاً- إستناداً إلى تميز شعوبها سلالياً، وبأن الإستعمار هو الذي قسّمها كيانات ودولاً إصطناعية. مع الوقت تكيّف القوميون السوريّون مع الأمر الواقع ، لكن ظلّ عدم إعتراف سورية رسمياً، أياً يكن نظام الحكم فيها، بالإستقلال اللبناني من خلال التبادل الدبلوماسي نوعاً من التعزية لهم ويشير إلى تأثير فكري مارسته عقيدة حزبهم على أحزاب وتنظيمات وشخصيات أخرى في لبنان والمنطقة، سواء وصلت إلى الحكم أم بقيت خارجه . ولا تفلت من متابع مسار quot;البعثquot; في سورية ملاحظة إنه في ظل شعاري quot;أمة (عربية) واحدة ذات الرسالة الخالدةquot; مارس هذا الحزب سياسياً، أقله حيال لبنان، كأنه يحمل عقيدة quot;سورية الكبرىquot;. كما تمكن ملاحظة تأثيرات الحزب القومي السوري في الأوساط والتيارات الإسلامية في الموقف من اليهود كيهود، والذي لم يكن عنصرياً قبل سعادة وحزبه.
وعدا الموضوع العقيدي، لا يشبه الحزب الذي أسسه سعادة، الحزب الذي يحمل الإسم نفسه ويترأسه اليوم النائب أسعد حردان الذي يعتبر الأقرب في لبنان إلى النظام الحاكم في سورية والشديد الإرتباط باستخباراتها، إلى درجة أن اللواء رستم غزالة، المسؤول سابقاً عن جهاز أمن بلاده في لبنان قبل الإنسحاب العسكري في ربيع 2005 والذي عينه الرئيس بشار الأسد مسؤولاً عن أمن ريف دمشق تدخل مباشرة الأسبوع الماضي لحمل بعض القوميين السوريين على التراجع عن إعلان إنشقاقهم وتأسيس حركة سموها quot;النهضة القوميةquot;، إحتجاجاً على سياسات حردان الذي ما فتىء عند كل مناسبة يظهر تمسكه بأسلوب البطش بخصومه في الحزب، وبخصوم الحزب على السواء بطبيعة الحال.
ويقر أحد سكان شارع الحمرا القدامى بأن quot;الحزب القومي حمى إنطلاقاً من علمانيته وبقدر إستطاعته التنوع والتعدد الطائفيين في المنطقة خلال الحروب والحوادث المدمرة التي شهدها لبنان منذ 1975، وبعد الحرب عادت المنطقة لا مسيحية ولا محض إسلامية، إلا أن الخلاف الجذري في لبنان تغيرت هويته ولم يعد مسيحياً- إسلامياً. وما استنتجناه من اختيار سوريا شارع الحمرا لإقامة سفارتها في لبنان ، بفعل الضغوط الدولية وليس اقتناعا تلقائياً منها باستقلال هذه البلاد أنها تعتبر الحزب السوري القومي اقرب إليها من quot;حزب اللهquot;.
ويقول ساكن الحمرا القديم إن رجال حردان يسيطرون عملياً بالسلاح على المنطقة منذ حوادث 7 ايار/ مايو الماضي، وإن كانوا لا يظهرون هذا السلاح المتوافر بكثرة في مكاتبهم الحزبية ومنازلهم. وارتباطهم وتنسيقهم مع الإستخبارات السورية لم يخفيا يوماً على أحد.
ويشير جار للرجل المتحدث إلى أن مقر السفارة لا يبعد سوى ثلاثة شوارع عن قريطم حيث يقيم رئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري، متسائلاً: quot; هل اختاروا هذا المكان لمراقبة الشارع وما يحوطه ، أم لتحديه؟quot; . ويضيف : quot;سنريهم في أيار (مايو)quot;، في إشارة إلى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة. ويضيف بحيرة: quot;كنا نريد سفارة لسورية في لبنان، ولكن ليس بين بيوتنا. نحن نخافهم ولم ننسَ بعد ما فعلوا (خلال الوجود العسكري السوري في لبنان)quot;. يغفل الجار quot;المستقبليquot; عن أن منزل رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط أيضاً لا يبعد عن السفارة السورية أكثر من ثلاثة شوارع. لكن مسؤولاً في الحزب القومي السوري ينفي لـquot;إيلافquot; ما ذهب إليه الرجلان، ويقول: quot;كان المفترض على ما أعرف أن يكون مقر السفارة قرب محطة quot;المنارquot; على تخوم الضاحية الجنوبية، لكن صاحب المبنى الذي تم الإتفاق معه طمع وطلب 6 ملايين دولار إيجاراً. كل ما في الأمر إن المبنى هنا في شارع الحمرا أقل كلفة بكثيرquot;.
التعليقات