يوم القدس العالمي:
عندما يكون الإعلان إيرانيًا... والحدث فلسطينيًا
خلف خلف- إيلاف: إعلان من إيران، وحدث في فلسطين، شكلا معًا يومًا عالميًا لنصرة مدينة القدس، تحت مسمى quot;يوم القدس العالميquot;، ليتحول بعدها إلى ذكرى سنوية تحييها الكثير من بلدان العالمين العربي والإسلامي. وما زالت إيران تعمل جاهدة لكي يكون لها الصدارة في إحياء فعاليات هذا اليوم، بل كثيرًا ما ذهبت إلى تنظيم عروض عسكرية بالمناسبة، في رسالة تحدٍ مباشرة منها إلى إسرائيل. ويأتي يوم القدس العالمي هذا العام ووسط ظروف صعبة ومريرة تعيشها الأراضي الفلسطينية عامة، ومدينة القدس خاصة، في ظل تواصل أعمال البناء الاستيطاني في المدينة ومحيطها، ومحاولة تحيدها عن أي عملية تفاوض مع الفلسطينيين، وكذلك بناء كنيس يهودي ومواصلة الحفريات في محيط المسجد الأقصى وأسفل أسواره.
وأطلق الإمام الخميني هذا اليوم قبل نحو 30 عامًا، وطالب بتخصيص الجمعة الأخيرة من شهر رمضان لإحياء هذه المناسبة، في محاولة للفت انتباه الأمة الإسلامية إلى قضية فلسطين بصفتها محورية والتشديد على أن المدينة المقدسة، هي لكل المسلمين، ويتوجب حمايتها. واللافت للنظر أن هذه المناسبة شهدت على مدار سنوات مضت بعض مظاهر التنافس الإيجابي، بين الشيعة والسنة، حيث يفضل الشيعة النزول إلى الشوارع وممارسة عدة طقوس، بينما يلجأ السنة في أغلب الأوقات إلى تبادل صور ورسائل لكبار رموز الأحزاب العربية والإسلامية.
وتبرز مظاهر هذه المناسبة بشكل رئيس في إيران، ولبنان، حيث يخرج عشرات الآلاف من الإيرانيين في مسيرات تتضمن شعارات معادية للولايات المتحدة وإسرائيل، وفي لبنان أيضًا تستغل منظمة حزب الله هذه المناسبة لتقديم عروض عسكرية والتشديد على القضايا السياسية الملتهبة، وإسلامية القضية الفلسطينية.
وفي فلسطين كذلك، اعتادت حركة حماس على تنظيم بعض المظاهر بمناسبة يوم القدس العالمي، وتؤكد الحركة على لسان ممثلها في طهران أبو أسامة عبد المعطي، أن هذه المناسبة تأتي دعمًا لقضيتي القدس وحق العودة بصفتهما جوهر الصراع مع إسرائيل. وبين عبد المعطي في تصريحات صحافية يوم أمس الثلاثاء أن الإمام الخميني أكد في إعلانه حول القدس أن الصراع حضاريًا، ولذلك يتوجب أن تشارك فيه كل الأمة الإسلامية بمكوناتها ومسمياتها.
ويزداد اهتمام الفلسطينيين باليوم العالمي للقدس، بصفته يوجه أنظار المسلمين لقضيتهم، وبالأخص مدينة القدس الشرقية التي يتطلعون إليها كعاصمة مستقبلية لدولتهم المستقلة، ويشدد سمير لوباني عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على أن هذا اليوم، هو دعوة إلى إعلان النفير في الأمة العربية والإسلامية، لإيقاظها من سباتها، وتدارك المخططات التي تحاك ضد المدينة المقدسة.
ومدينة القدس تشكل لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبقيت على الدوام موضع خلاف حاد في المفاوضات السلمية. وأعلنتها إسرائيل عام 1949، عاصمة لها، ولكنها لم تنل اعترافًا دوليًا، سوى اعتراف جزئي من قبل الولايات المتحدة الأميركية عام 1995، وهذا الإعلان قابله عام 1988، إعلان منظمة التحرير الفلسطينية للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وهو ما ورد في وثيقة الإستقلال التي تلاها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الجزائر.
واليوم تسيطر إسرائيل بشكل كامل على مدينة القدس، وتوجد معظم المؤسسات الحكومية الإسرائيلية في المدينة باستثناء وزارة الأمن، وعلى الرغم من ذلك، إلا أن السكان اليهود في المدينة يتعرضون بين الفينة والأخرى لضربات وعمليات دهس ينفذها فلسطينيون، حيث سجل أكثر من هجوم منذ بداية العام، وآخرها قيام سائق فلسطيني من سكان القدس الشرقية بدهس جنود إسرائيليين مستخدمًا سيارته الشخصية.
ويتهم السكان الفلسطينيون في القدس، المؤسسة الإسرائيلية بمحاولة طردهم وتهجيرهم من منازلهم، وذلك عبر مخطط طويل المدى بدأ بفرض الضرائب العالية، ومنع ترميم البيوت، أو البناء، بالإضافة إلى التمييز العنصري، والإهانات اليومية التي يتعرض هؤلاء السكان سواء في العمل أو الحياة اليومية.
وبدورها تتهم السلطة الفلسطينية الجانب الإسرائيلي بمواصلة عمليات الاستيطان في القدس، وتهويد المدينة، وهو ما يعني فرض حقائق على الأرض خلال المفاوضات الجارية منذ بداية العام، وكثيرًا ما طالبت الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني بصفته مناقضًا لخطة خارطة الطريق، والوعود التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت في مؤتمر انابوليس الذي عقد نوفمبر العام الماضي.
وكشفت مؤسسة الأقصى لأعمار المقدسات الإسلامية في تقرير لها وزع على وسائل الإعلام يوم أمس الثلاثاء أن المؤسسة الإسرائيلية ستفتتح قريبًا كنيسًا يهوديًا كبيرًا، لا يبعد سوى خمسين مترًا عن المسجد الأقصى المبارك، مؤكدة أن هذا الكنيس مرتبط بشبكة أنفاق وحفريات تصل بعضها داخل حدود المسجد الأقصى، في حين تنوي افتتاح أبواب أخرى للكنيس مباشرة داخل البيوت المقدسية وعلى حساب ارض وقف إسلامي.
وهو ما يثير المخاوف من إمكانية تجدد العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبخاصة أن الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000، خرجت شرارتها من ساحات المسجد الأقصى، حينما حاول ارييل شارون دخول المسجد، مشددًا على أن هذه الجولة لا تتطلب من الشخص سوى أن يقلع الحذاء من قدميه.
التعليقات