وزير الإتصالات حاول... وعقوبة المخالف مئة ألف ليرة
البحث عن فضيحة تنصت لا يجدي في لبنان
إيلي الحاج من بيروت:
لا يؤدي البحث عن فضيحة تنصت إلى نتيجة باهرة في لبنان، وحتى وزير الإتصالات الجديد في حكومة الوحدة الوطنية التي أعقبت إتفاق الدوحة، جبران باسيل، لم يتوصل إلى خيط يتيح له تأكيد حصول تنصت غير شرعي، وذلك على الرغم من أن كل السياسيين والصحافيين يعتقدون أنه ثمة quot;تنصتًا خفيًاquot; في البلاد.
وكان الوزير السابق للإتصالات مروان حمادة أكد لـ quot;إيلافquot; أن لا تنصت يمارس عبر الوزارة إلا النائب بهيج طبارة أثار في الجلسة، في مناسبتين نيابيتين موضوع التنصت على الهاتف، فتلقفته قوى المعارضة السابقة التي أصبحت شريكة في الحكومة ولكن بلا جدوى، ولا إثباتات.

وخرجت تلك الجلسة بما يشبه laquo;مشروع فضيحةraquo; بعدما تحدث الوزير باسيل عن وجود laquo;تنصت غير شرعي تقوم به جهات رسميةraquo;. وأضاف : laquo;موضوع التنصت له شقان ولا شيء يمنع وزارة الاتصالات من التحقق ومنع التنصت. المراسيم موجودة والاموال مرصودة وموجودة، للبدء فورا بعملية استقصاء جديدة للتنصت ليكون بشكل رسمي. والتنصت لا يكون فقط صوتيًا. نستطيع ان نتتبع الشخص عبر الـ SMS، ونتتبع حركته. معنى ذلك ان كل انسان، وخصوصًا الوزراء والنواب، لا نستطيع ان نتنصت عليهم الا بقرار قضائي. انما في موضوع التنصت غير الصوتي الذي يحصل من جهات رسمية فنأمل ان يتوقف فوراraquo;. واضاف: laquo;عرفت بهذا الموضوع اخيراquot;.

وعلى الأثر تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري محذرًا من خطورة هذا الوضع، ومتحدثاً عن ضرورة انشاء لجنة تحقيق برلمانية حوله. وهنا تدخل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مؤكدا ان الحكومة laquo;تلتزم القانون في موضوع التنصتraquo;، فرد بري: laquo;التنصت على قدم وساقraquo;. فأجابه السنيورة: laquo;هناك وزيران معنيان يتناولان هذا الموضوعraquo;.

ورد وزير الداخلية زياد بارود فقال: laquo;في موضوع حماية التخابر، تطبيقا لقانون حماية التخابر انشئ جهاز خاص. ولم يصبح هذا الجهاز عاملا حتى هذه اللحظة. لم يوضع على السكة، بل هو خطة عمليةraquo;.
لكن quot;التحقيق الداخليquot;الذي تعهد الوزير باسيل أن تجريه وزارة الإتصالات إنتهى الى تثبيت صحة ما قاله الوزير السابق حماده عن أن لا أعمال تنصت جرت في الوزارة ، وأن كل أثير عن هذا الموضوع يبقى مجرد زوبعة كلامية هذا الموضع . وقد أبلغ بري لاحقاً quot;اننا جميعا نسير في التوجه نفسه لضرورة تطبيق القانون ١٤٠ الذي يصون سرية التخابر ويحفظ للمواطنين حقهم في سرية التخابر quot;
وقيل له إن الرئيس بري كان قد المح الى موضوع لجنة تحقيق برلمانية فاجاب: لا، الرئيس بري كان المح الى هذا الموضوع في حال لم نتمكن كوزارة اتصالات من اعطاء الاجوبة اللازمة والكافية في هذا الخصوصquot;.
وانتقل الموضوع هكذا من الإطار الفضائحي الى الإطار القانوني الذي يقضي بتشكيل اللجان الخاصة بالتنصت التي سبق أن تعرقل في عهد الرئيس السابق أميل لحود .
وقال مطلعون على الملف لإيلاف أن فرع الأمن والمعلومات في قوى الأمن الداخلي كان يقتفي أثر مجرمين ،بالإستناد الى حركة إتصالاتهم،عقب حصول جرائم تفجير واغتيال بالتنسيق مع لجنة التحقيق الدولية ،وأن الضابط الذي كان مسؤولا عن هذا الملف هو الرائد وسام عيد الذي اغتيل لاحقا بمتفجرة ، وقيل إن quot;اكتشافاتهquot; قد تكون سبّبت اغتياله.

ويعتبر التنصت على الاتصالات اعتداءً خطيراً الحريات الشخصية، لا سيما ضد حرمة الحياة الخاصة وقدسية سرّيتها، كما يشكل اعتداء ضد حقوق الدفاع للشخص المشتبه بارتكابه أو محاولة ارتكابه جرمًا جزائيًا. وهذه الحريات كفلها الاعلان العالمي لحقوق الانسان (1948)، وتحميها الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الانسان (روما 4/11/1950).
ونصت المادة 8 من الدستور اللبناني أن laquo;الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانونraquo;. ونصت المادة 9 من قانون تنظيم الأصول الإدارية والمالية للمديرية العامة للبريد والبرق الصادر بالمرسوم الإشتراعي الرقم 126/59 تاريخ 12/6/1959 أن laquo;سر المراسلات البريدية مصون لا يجوز إفشاؤهraquo;.

فرضت المادة 17 من القانون اللبناني رقم 140/99 عقوبة الحبس من سنة الى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسين الى مئة مليون ليرة ضد كل شخص يعترض أي مخابرة خلافاً لأحكام هذا القانون.
ويعاقب بالعقوبة عينها كل من حرّض أو اشترك أو تدخل بالجرم أو استنسخ أو احتفظ أو أفشى معلومات استحصل عليها لدى اعتراض المخابرات بناء لتكليف السلطات المختصة أو اعترض المخابرات بغيرالأماكن التي حددها قرار الاعتراض.
كما عاقبت المادة 850 من قانون العقوبات بالحبس من شهرين الى سنتين، كل شخص ملحق بمصلحة البريد والبرق يسيء استعمال صفته هذه بأن يفتح رسائل مختومة أو يتلف أو يختلس إحدى الرسائل أو يفضي بمضمونها الى غير المرسل اليه. وتنزل العقوبة نفسها بمن كان ملحقاً بمصلحة الهاتف أو أفشى مخابرة هاتفية اطّلع عليها بحكم وظيفته أو عمله.

وكذلك، نصت المادة 581 من قانون العقوبات أن شخص آخر يتلف أو يفضي قصداً رسالة أو برقية غير مرسلة اليه، أو يطّلع بالخدعة على مخابرة هاتفية، يعاقب بغرامة لا تتجاوز المئة ألف ليرة لبنانية.