&
على النقيض مما يفترض كثيرون فان الدستور الاميركي لا يحمي الفحش أو المجون في الأدب. &وعلى سبيل المثال ان رواية هنري ميلر "مدار السرطان" التي صدرت في فرنسا عام 1934 ظات ممنوعة 30 عاماً قبل ان يقرر القضاء الاميركي في النهاية السماح بنشرها في الولايات المتحدة. &وفرض هذا الموقف المحافظ على كثير من دور النشر التي تتعامل بالانكليزية ان تنقل مطابعها الى باريس. &وكان من هذه الدور نوعان ، دور متخصصة بالكتاب الحداثويين وأشهرها دار شكسبير اند كومباني التي نشرت رواية جيمس جويس "يوليسيس" في عام 1922. &ولكن كانت هناك دور نشر اخرى مثل ثري ماونتينز بريس نشرت اعمال كتاب مثل ايرنست همنغواي وعزرا باوند وفورد مادوكس فورد ودار بلاك صن بريس التي نشرت اعمال كتاب بينهم وليام فوكنر وهارت كرين ، ودار بلاك مانيكن بريس التي نشرت اعمال كتاب بينهم دي. اتش. لورنس ودار هاورس بريس التي كانت تنشر اعمال صاموئيل بيكيت. &النوع الآخر من دور النشر باللغة الانكليزية في باريس هو النوع المتخصص بالاباحية. &وكتاب الاعمال الاباحية هم غجر صناعة الثقافة الذين يتحسسون ما يحدث من تغيرات في الأجواء القانونية قبل غيرهم ، وعموماً كان يجدون الانتقال الى مكان آخر أسهل من خوض معارك قانونية خاسرة. &وفي عام 1857 اصدر البرلمان البريطاني قانون المطبوعات الفاحشة أو قانون اللورد كامبيل كناية بالقاضي الذي وصف الاباحية بأنها اسوأ من السم الزعاف. & وبالنسبة للكتاب الاباحيين فان هذه القوانين تعني ان مصدر متاعبهم لم يعد الشرطي أو المجتمع المعادي للرذيلة بل ان الحكومة نفسها اصبحت ضدهم بقوانينها. انتقل هؤلاء في البداية الى امستردام ولكن الضغوط الدبلوماسية البريطانية على هولندا لاحقتهم هناك فشدوا الرحال مجددا ، هذه المرة الى باريس. &وبحلول عام 1910 لم تكن هناك عملياً دور نشر تطبع اعمالا اباحية في بريطانيا بل انتقلت كلها الى باريس. &
كانت باريس خيارا ناجحا لسببين ، الأول صعوبة ملاحقة الكتب بتهمة الفحش في فرنسا بعد ان ضمنت قوانين الجمهورية الثالثة في سنواتها الأولى حرية الصحافة والتعبير. &كما ان الفرنسيين لم يكونوا يكترثون بالكتب التي تُنشر بالانكليزية لأن الأجانب على الأغلب كانوا من يشتريها. &والسبب الثاني لانتقال دور النشر باللغة الانكليزية الى باريس هو ان المدينة اصبحت بعد عام 1919 موئل كثير من الكتاب والفنانين والمغتربين والسياح البريطانيين والاميركيين لا بسبب حياتها الثقافية كما يُعتقد بل لأن سعر صرف العملة وقتذاك جعل باريس مدينة رخيصة الى حد بعيد ، كما تلاحظ مجلة نيويوركر مشيرة الى ان 400 الف اميركي زار العاصمة الفرنسية في عام 1925. &وهكذا كان امثال بيكيت ولورنس وجويس يجدون في باريس الحل الطبيعي لمصاعبهم مع الرقابة في بلدانهم. &
وشهدت السنوات التالية معارك قانونية كبيرة في بريطانيا والولايات المتحدة قبل ان يُرفع مقص الرقابة عن الكتابات الحديثة وتطمئن دور النشر الى انها لن تضطر للبحث عن ملاذات آمنة في بلدان أخرى مثل فرنسا إبان العشرينات. &
&