الخليل تئن بعد 12 عاما من مجزرة الحرم الإبراهيمي

أسامة العيسة من الخليل: تبدو البلدة القديمة في مدينة الخليل، التي تبعد 28 كلم عن مدينة القدس، وكأنها عالم من الاشباح، بسبب البؤر الاستيطانية اليهودية في البلدة التي أجبرت، وطوال سنوات الاحتلال الإسرائيلي الطويلة، معظم سكانها وتجارها على هجرانها، بينما تحول الحرم الإبراهيمي الشريف الذي قسمه الاحتلال بين المسلمين واليهود، إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، وأي زيارة له أو للبلدة القديمة، تعتبر مخاطرة، حيث قتل وأصيب

جمهور يهوديحول الحرم الابراهيمي فيالخليل
العديد من الصحافيين والمواطنين، برصاص الجيش أو المستوطنين، وهذه الأيام تحي مؤسسات وفعاليات المدينة، الذكرى الثانية عشرة للمجزرة التي وقعت في الحرم فجر 25 شباط (فبراير) 1994، عندما فتح المستوطن باروخ غولدشتاين النار على المصلين في الحرم، ونتج عن المجزرة سقوط 29 فلسطينيا واكثر من 300 جريحا.
وبعد كل هذه السنوات، من المجزرة تبدو البلدة القديمة في الخليل، وكأنها شهدت تلك المجزرة للتو، وما زالت الأسواق والمنازل التي هجر أصحابها بعد المجزرة مغلقة أو مسيطر عليها من قبل المستوطنين، في حين تم هدم أحياء بكاملها تعود للعصرين الأيوبي والمملوكي.
وتحاول فعاليات الخليل، إعادة ما تقول انه quot;الحياةquot; للبلدة القديمة، دون طائل، ويقول عزمي الشيوخي الأمين العام للجان الشعبية لمراسلنا quot;ندعو الناس لتكثيف الصلوات في الحرم الإبراهيمي الشريف وفي مساجد البلدة القديمة، كأحد الأساليب لإحياء البلدة التي ما زالت مستهدفة منذ بداية الاحتلال عام 1967 ببرامج الترحيل والتهويد والآسرلة متعددة الأشكالquot;.
ويضيف الشيوخي quot;وصلت ذروة هذه البرامج بتنفيذ المجزرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال في الحرم قبل 12 عاما، وبعد المجزرة عاقب المحتلون أهالي الخليل الذين كانوا ضحية المجزرة بتقسيم الخليل والحرم الإبراهيمي ضمن محاولات الاحتلال لتهويد المدينة وتحويل الحرم الإبراهيمي الشريف إلى كنيس يهوديquot;.
ويعتقد الشيوخي انه لا بديل عن quot;تنفيذ برامج فلسطينية وعربية وإسلامية لمواجهة البرامج الاحتلالية الاستيطانية الإسرائيليةquot;.
ويضيف quot;عندما أتحدث عن مثل هذه البرامج، أؤكد أننا زهقنا الشعارات، ونريد برامج عملية قابلة للتنفيذ حتى نحمي مدينة الخليل ونحافظ على عروبتها ونحمي الحرم الإبراهيمي ونحافظ على اسلاميتهquot;.
ومن الأمور العملية التي يعتقد الشيوخي انه يمكن البدء بها، هو نقل المكاتب والدوائر الرسمية إلى البلدة القديمة، مثلما حدث مع مديرية أوقاف الخليل التي نقل مقرها إلى داخل البلدة القديمة.
ويشعر الشيخ تيسير أبو سنينة مدير عام أوقاف الخليل، بالفخر لان مديرية الأوقاف تمارس عملها من داخل البلدة القديمة رغم المخاطر العديدة.
ويقول أبو سنينة quot;الفلسطينيون يعانون من الإجراءات الاحتلالية والانتهاكات الإسرائيلية لحقوقهم المشروعة في حرية العبادة والتنقل والسكن فوق أرضهم المغتصبة، ويجب على كل التنظيمات الفلسطينية أن تتكاتف وتعمل بما يخدم المصلحة الوطنية العليا لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بقلب مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف وبالقضية الفلسطينية برمتهاquot;.
ويضيف quot;بعد 12 عاما من المجزرة، ما زلنا نعاني، وسلطات الاحتلال تمنع الآذان من مآذن الحرم الإبراهيمي اكثر من سبعين مرة في الشهر، ونحن مصممون على حقنا برفع الآذان من غرفة الآذان في اليوسفية للحفاظ على حقنا في التصرف في الحرم بكافة أروقته وللحفاظ على إسلامية اليوسفيةquot;.
ويذكر أن القسم من الحرم المعروف باسم اليوسفية سيطر عليه المستوطنون واصبح جزءا من الكنيس اليهودي في الحرم.
وحول الاقتراح المحدد الذي يعتبره ناجعا يقول أبو سنينة quot;أنا أدعو إلى إعادة الثقة للنضال الشعبي السلمي الذي يفضح سياسات الاحتلال وبرامجه التوسعية والعدوانيةquot;.
ويعطي أبو سنينة مثلا على ما يسميه النضال الشعبي السلمي quot;المسيرات والمظاهرات الشعبية والجماهيرية السلمية المليونية التي تشارك فيها الحشود، معبرة عن رفض جماهيرنا لوجود الاحتلالquot;.
ويقول quot;لتخرج هذه المسيرات السلمية تطالب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينيةquot;.
ويعتقد أبو سنينة بان مدينة الخليل تعاني من الإهمال المحلي والعربي والإسلامي وحتى العالمي قائلا quot;الخليل لا تقل أهمية عن القدس، حيث يوجد الحرم الإبراهيمي في الخليل وقبر أبي الأنبياء وقبور ذريته، وتاريخيا الارتباط كان وثيقا بين القدس والخليل، المقطعة الأوصال بينهما الانquot;.
ويقترح أبو سنينة إعادة فتح quot;كافة المحلات التجارية في البلدة القديمة وسط الخليل، لان سر عودة الحياة لطبيعتها في البلدة القديمة وإحياءها مرتبط بفتح محلاتهاquot;.
ويضيف quot;من المهم أيضا تفعيل الفتوى والحكم الشرعي الذي يؤكد على أن صلاة الجمعة لا تجوز إلا في المسجد الجامع، وهو المسجد الأقدم والأوسع وهذا ينطبق على الحرم الإبراهيمي الشريف ومساجد البلدة القديمة، واعتبار أن صلاة الجمعة خارجه غير جائزة وباطلة ومشكوك في حكم الصلاة بها، إذا كان هناك متسع لمصلي واحد في المسجد الجامعquot;.
وأشار إلى وجود تكية سيدنا إبراهيم الخليل في البلدة القديمة، التي تقدم خلال شهر رمضان 500 كغم من اللحوم يوميا كوجبة إفطار، وساعد ذلك لان يتجه الآلاف وطوال شهر رمضان الماضي، إلى البلدة القديمة، مطالبا بضرورة دعم التكية لتواصل عملها طوال أيام العام وليكون ذلك إسهاما في إحياء البلدة القديمة وحماية الحرم الإبراهيمي.
ويدعو ابو سنينة إلى دعم السلع والبضائع التي تباع في محلات البلدة القديمة من خلال دعم التجار، لاستقطاب اكبر عدد ممكن من المتسوقين.
مصل واحد فقط في الحرم
وبرى أبو سنينة انه يجب أن يرافق كل ذلك الوعي بالمخاطر التي ما زالت تحدق بالحرم الإبراهيمي الشريف والبلدة القديمة في الخليل التي تعج غلاة المستوطنين.
ومن جانبه اصدر الشيخ تيسير التميمي قاضي القضاة في فلسطين وابن مدينة الخليل، بيانا بمناسبة ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي دعا فيه إلى حصر إقامة شعائر صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي الشريف ومساجد مدينة الخليل الرئيسة، لتكثيف الحضور فيها، والى ضرورة إتباع كافة الوسائل الكفيلة بتأكيد الحق الوطني في الحرم الإبراهيمي والدفاع عنه بكل الوسائل الممكنة.
ووجه مناشدة، لأهالي محافظة الخليل للمواظبة على صلاة كافة الفرائض في الحرم الإبراهيمي الشريف، والتسوق من أسواق البلدة القديمة والعودة إلى السكنى فيها quot;لإفشال المخططات الرامية إلى المش بعروبتها وإسلاميتهاquot;.
وقال التميمي quot;تتصاعد مخططات الاحتلال لتفريغ قلب المدينة من أهلها بممارسة التضييق عليهم وتعريضهم للإجراءات القمعية، مما أدى إلى استحالة عودة الحياة الطبيعية والآمنة المستقرة إلى المدينة إلا بإزالة المستوطنات وخروج الاحتلالquot;.
وتحاول فعاليات أخرى إعادة تسليط الأضواء على ما يجري في البلدة القديمة، بتنظيم نشاطات تطوعية، مثلما فعله اليوم اكثر من ثلاثين متطوعا أجنبيا وإسرائيليا وفلسطينيا، الذين توجهوا إلى منطقة تل الرميدة في البلدة، التي تعتبر اكثر المناطق سخونة لوجود بؤرة استيطانية فيها لمساعدة ما تبقى من أهالي المنطقة بتقليم أشجارهم، المزروعة بالقرب من البؤرة الاستيطانية رمات يشاي، وساعدوا الأهالي بإزالة النفايات المتراكمة التي يقذف بها المستوطنون نحو المنازل العربية.