عطاريات وأعشاب (السراي) .. بديل أدوية الصيدليات بالموصل


ابراهيم ذنون الموصل: لقد عرفها الإنسان بالتجربة، واهتدى لعلاج أمراضه بواسطتها عن طريق التجربة أيضا واستخدمتها شعوب العالم المتحضرة منها والبدائية، إنها الأعشاب الطبية والمواد العطارية، وفي السنوات الأخيرة وخاصة بعد الحرب على العراق زاد الاقبال على التداوي بها بمدينة الموصل شمال العراق، وتعد سوق السراي الأشهر بالمدينة ببيع تلك المواد.
وسوق السراي هى إحدى أسواق مدينة الموصل الشهيرة والمزدحمة جدا طيلة أيام السنة، وهى من معالم المدينة .. فمحلاتها صغيرة متلاصقة وصفت على جانبيه، والبضاعة المعروضة فيه ألوانها جذابة ولاغنى عنها.. فقد وضعت بأكياس كبيرة الحجم ولها في بعض الاحيان مفعول سحري وعجيب على أوجاع المريض والمأكولات.. هذه البضاعة هي الاعشاب الطبية والعطاريات.
لقد امتازت سوق السراي منذ انشائها قبل أكثر من قرن من الزمان بميزة بيع المواد العطارية والاعشاب من مختلف الانواع والاشكال ومنها المستورد من الهند وتركيا وايران.. السوق تقع بشارع لا يتجاوز عرضه الثلاثة امتار بسبب صف البضاعة امام المحلات وعلى الجانبين.
وهناك محلات لبيع التحف واخري لبيع الزجاج وثالثة لبيع الادوات المنزلية المصنوعة من الفافون (الالومنيوم) والنحاس ورابعة لبيع الاحزمة الجلدية وخامسة لبيع القرطاسية.
ورغم هذا التنوع فان الاشهر بيعا في هذا السوق هي الاعشاب ومواد العطارة ، والأخيرة يعتمد المطبخ الموصلي على الكثير منها في أصنافة ومأكولاته.
ويعتبر الفلفل الاسود والاحمر والكبابة والكمون والكاري والدارسين (القرفة) والهيل من اهم مكونات المطبخ الموصلي حيث لاتستطيع ربة المنزل الاستغناء عنها ، الا أن هناك أصنافا زاد الطلب عليها خلال السنوات القليلة الماضية تستخدم في علاج المرضى.
ويقول بالحاج ابو سلون صاحب محل عطارة بسوق السراي quot; نعم لقد زاد الطلب كثيرا وخصوصا في سنوات ما بعد الحرب على استعمال الاعشاب الطبية للتداوي بعد تجربتها ونجاحها ورخص ثمنها، فالطلب عندي في الشتاء يكون كبيرا عل أزهار البابونك او البيبون كما يسمى والتى لا يستغني البيت الموصلي عن استخدامها.quot;
وأضاف لوكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة ان أزهار البيبون quot;تشفي امراض البرد والزكام والنزلات الشعبية الرئوية ولها فؤائد اخرى حيث انها مقوية للمناعة ومفيدة للمغص اذا ما تم خلطها مع الزنجبيل.quot;
وتابع قائلا quot;الاهم في هذا الامر أن استخدام هذه العقاقير بكثرة ليس له أي اضرار عكس العقاقير الكيمياوية فمضارها ومضاعفاتها كثيرة.quot;
وعن كيفية استخدام البيبون قال انه quot;يغلى ويصفى ويشرب، كما انه يقوي بصيلة الشعر عند غسل الشعر به وهو عشب طبيعي تكثر في الموصل ازهاره.quot;
أما طارق علي وهو معشب منذ أكثر من ربع قرن فقال، quot;اتعامل مع الأعشاب الطبية منذ اكثر من ربع قرن وهي ان لم تفد الانسان فلن تضره، وعالم الاعشاب له اسرار ووصفات سحرية نتوارثها، ونحن لانزال نكتشف يوما بعد يوم عن حبة البركة الكثير من فوائدها ففيها مواد مضاده للسرطان وتفيد في علاج الكثير من الأمراض مثل امراض الكبد وتساقط الشعر والثعلبة والام الاسنان.quot;
أما امين ابو محمد وهو احد العطارين فقال quot;لقد درسنا الكثير من كتب الاعشاب واجرينا الكثير من التجارب عليها واستخلصنا منها المعلومات التي تفيد المريض، فالاعشاب هي دعوة الطبيعة للبشر وطبيعتنا زاخرة بخيراتها، واعشابنا رخيصة باثمانها وهي في متناول كل يد وموجودة في كل مطبخ فلما ندخل في اجوافنا مواد كيمياوية تشفي مرضا ولكنها تخرب بدنا.quot;
وأوضح ل (أصوات العراق) انه توجد اعشاب للتجميل وللرشاقة كبذور الكرفس، وهناك وصفات لعلاج النحافة وتساقط الشعر والتخلص من البهاق والسواد الموجود تحت العينين وهناك العسل المخلوط ببعض الاعشاب كدواء ناجح للكثير من الامراض .. فالارض تعطينا كنوزا وباسعار مناسبة ودونما ضرر فلماذا نتركها ونذهب الى الصيدلية؟.quot;
وقال عمر محمد طاهر وهو أحد العطارين ان للامراض مواسم فشتاء يكون الطلب الاكثر على البيبون وغيره من ادوية البرد وفي الربيع هناك طلب على الاعشاب التي تعالج الامراض الجلدية والحساسية واثناء الامتحانات يكون الطلب على المنشطات الذهنية وعلى العقاقير الامراض النفسية والقلق.
وتابع طاهر قائلا quot;في الصيف يكثر الطلب على الاعشاب التي تعالج الاسهال عند الاطفال وتساقط الشعر.quot;
وتقول ام سهى وهي معلمة في الاربعين من العمر ل (أصوات العراق) quot;لقد وصف الدكتور لزوجي دواء اشتريته من الصيدلية لكنه بقي يتألم، انه مصاب أصوات في المثانة وقد وصف لي العطار ماء الفجل وحبوب الخردل وزوجي يقول انه يتحسن مع استعمال هذه الاعشاب. quot;
أما المدرس ابو سعيد، فقال إن ظروفنا الصعبة تجعلنا نترك العلم ونلجأ لمعالجة أطفالنا وامراضنا بنباتات، هي ذاتها التي نضعها في قدورنا أي نحن نأكلها اصحاء ومرضى ولانعرف اين الصواب من الخطأ.
وتابع ابو سعيد قائلا quot;غلاء اسعار الصيدليات وأجور كشف الاطباء عالية وجعلتنا نلجأ للعشابين ثم علينا ان لاننسى خلو الاعشاب من المواد الكيمياوية فانا كلما يمرض احد ابنائي اظل مترددا في دخول الصيدلية لما اسمعه من امور عن ادوية معدل تاريخ صلاحيتها أو أسعارها غالية.quot;
ويقول حسين عبد الله المدرس في كلية الزراعة والغابات بجامعة الموصل ان الاعشاب صارت في الموصل البديل عن الطب المتعارف عليه بسبب الوضع الامني والمالي، فغلاء كشف الاطباء وثمن الأدوية وصعوبة التنقل جعلت العراقي يلجأ لدولاب المطبخ القريب منه ويعالج نفسه بنفسه ودون خروجه من البيت وهو ما زاد من الأقبال على الاعشاب ومواد العطارة تلك البضاعة الرائجة بسوق السراي.

أصوات العراق