بهية مارديني من طرطوس: وقف طلال على بلكونة مطلة على شاطئ البحر في مدينة طرطوس على الساحل السوري يرثي نفسه متاثرا، طلال شاب في الخامسة والعشرين من عمره بجملة quot; اريد ان اموت quot;، لم يتردد طويلا في لقائي في شقة اهله المطلة على البحر، وعندما اتصلت به هاتفيا لاحدد موعدا للقائه فاجأني بالقول كل الاوقات بعد الظهر مناسبة، فأنا اجلس باستمرار بعد عودتي من العمل في المنزل، انقطع عنا الناس فلا يزورنا احد ولا نزور احداً بعد ان انتشر بين عائلتي الشهر الماضي خبر اصابتي بمرض quot; الايدز quot;.
رفض ان يكشف لي عن مهنته لانه اكتشف مرضه منذ شهرين وخشى ان يعرف مديره بالامر فيطرده، عاد من

طرطوس
موسكو بعد دراسته للهندسة وخوضه لعلاقات متعددة واثناء مشاهدته برنامجا عن الايدز في احدى الفضائيات تسلل الرعب الى قلبه وقرر ان يجري الفحوصات ولكن كانت المشكلة..اين..سال طويلا وتردد ثم قرر الذهاب الى مخابر وزارة الصحة بدمشق فهناك لا احد يعرفه وتاكد انهم لا يسألون من يريد اجراءة الفحوصات عن هويته، تاخر في الذهاب، يعلم ذلك، الرعب، الخوف اقل ما يقال عن حالته، كان حديثه مقتضبا عندما شرح لي مشاعره يوم اكتشافه للمرض quot; لن انسى ذلك اليوم quot; عدت للمختبر بعد اجراء الفحوصات طالبا النتيجة التي عرفتها من حالة الهلع التي قرأتها في عيني عامل المخبر، فقد اعطاني الظرف وركض سريعا، اريد ان اموت اريد ان اموت، ووضع يديه على وجهه.
لم اخبر احدا من عائلتي، اخبرت فقط صديقي يامن. فاجأني بالقول quot; لطالما حذرتك..هذه نهاية طريقك، واختياراتك فعشها quot; لم يكتم السر اذ اخبر اخي واخي اخبر العائلة، لم يعد احد يكلمني بالمنزل وانا محظوظ لانهم لم يطردوني.
مئات الحالات من مرض الايدز في سورية، والنسبة في تزايد في السنوات الاخيرة رغم حملات التوعية من هذا المرض القاتل، الرقم المعلن حوالي quot; 400 quot; حالة، لكن الرقم التقديري يقارب الالف، الدكتور هيثم سويدان رئيس دائرة برنامج مكافحة الايدز في وزارة الصحة في سورية قال لايلاف : سوريا على مفترق طريقين فإما ان تكون هناك خطة وطنية شاملة تعمل على منع انتشار هذا المرض او ان تتزايد عدد الاصابات كما حصل في العديد من دول الاقليم والدول المجاورة، حيث نلاحظ اليوم زيادة واضحة في عدد الاصابات بسبب تاخر في الخطط الوقائية الفعالة ورغم ان الدراسات تبين ان اكثر من 80% من الشباب في المدن لديهم معلومات كافية عن طرق الانتقال من مرض الايدز الا ان هناك زيادة في عدد الاصابات في السنوات الاخيرة بالنسبة للسنوات التي قبلها، وهناك عوامل خطر سلوكية شبابية كالممارسات الجنسية الخطرة والادمان على المخدرات والبطالة والتاخر في الزواج اضافة الى التاثير السلبي للاعلام وما تبثه الفضائيات من مفاهيم جنسية غير صحيحة تشجع التجريب، وهناك زيادة عامة في عدد الاصابات بسبب زيادة الحركة السكانية من هجرة داخلية وخارجية، اما رؤى حورانية وهي باحثة في برنامج مكافحة الايدز في سورية فاكدت وجود امراتين من الحوامل مصابتين بمرض الايدز و42 امراة مصابة نقلا عن زوجها نتيجة علاقات الازواج الجنسية خارج اطار العلاقة الزوجية، واشارت الى انه لا يجوز نبذ المريض حيث ان المريض يجب الا يعزل او يحجر عليه ويتابع حياته ضمن اطار عائلته.
من الدراسات اتضح ان النساء اكثر عرضة للاصابة بمرض الايدز فاحتمال اصابة المراة الغير مصابة من ذكر مصاب يفوق اضعاف اصابة الذكر غير المصاب من امراة مصابة، والسبب يعود الى طبيعة الجهاز التشريحي التناسلي للمراة اضافة الى عدم تمكن المراة من وقاية نفسها من مرض الايدز.
في سورية ثلث الاصابات من النساء والثلثين من الذكور، اما عالميا فالنسبة تصل الى النصف وفي بعض الدول تتجاوز نسبة النساء المصابات نسبة الذكور المصابين ويبرز دور العامل الاقتصادي فقد تضطر المرأة وخاصة في ظروف الهجرة والتشرد بعد الحروب الى التعرض لخطر العدوى، فنتيجة الهجرة يكثر الاستغلال و الدعارة ونقلت عشر سيدات في سورية مرض الايدز الى اطفالهم ولكن لا يوجد اطفال مصابين بسبب الاغتصاب او الاستغلال الجنسي، ويلفت النظر ان المرض في سورية لا ينتقل بسبب نقل الدم او ما يسميه الاطباء العامل الثامن وكل الاصابات بسبب الاتصال الجنسي وهو ما اوقع طلال في المرض، كان يظن ndash; وكما يقول صديقه يامن ndash; ان كل العاهرات يخشين على انفسهم ولا يساقون الى المرض وان الفتيات في الغرب اكثر وعيا وكان يامن يعترض دون استجابة من طلال، وماهي الا فترة، يتوقع لها الا تطول رغم تناول الدواء الذي يمنع سوء المرض، ونودع طلال دون ان يترك ذكرى طيبة بين الجميع.