انتشار الطلاق اضطر الموريتانية الى إعالة أسرتها
الرجل يتخلى عن مسؤوليته بعد الطلاق

سكينة اصنيب من نواكشوط: انتشرت ظاهرة الطلاق داخل المجتمع الموريتاني بشكل مقلق في السنوات الأخيرة، مما جعل موريتانيا تتربع على قمة هرم أرقام الطلاق في العالم العربي، بنسبة قدرتها الحكومة بـ %40 في الريف، و%37 في المدن، بينما تقدرها منظمات مستقلة بـ%42 على المستوى الوطني.
ويؤكد علماء الاجتماع أن المرأة الموريتانية باتت تستعد للطلاق منذ أول يوم زواج مما أفقدها الاحساس بمخاطره عليها وعلى أبنائها. ويعود السبب الرئيسي لتفشي الطلاق في موريتانيا الى أن المجتمع الموريتاني الذي تخلب عليها البداوة وحياة الحل والترحال اعتاد على الطلاق منذ عهود قديمة، وهو ما أخذ في الانعكاس على الأعراف والتقاليد حتى باتت الأسرة الموريتانية تعتبر الطلاق أمرا عاديا.
ومن بين الأسباب الرئيسية في تفشي هذه الظاهرة سهولة الطلاق عند الرجل الموريتاني بسبب غياب مؤخر الصداق وعدم مطالبة طليقته بنفقتها وأطفالها حتى لا تتهم بالجشع أو ضيق ذات اليد. إضافة الى انتشار الزواج المبكر وزواج الأقارب الذي تتفق عليه عادة الأسر دون أن تكون هناك رغبة حقيقة لدى الزوجين، وكذلك التفاوت في المستوى الثقافي وفي السن بحيث تكون الزوجة فتاة صغيرة والزوج طاعن في السن.
وتأتي المشاكل المادية في مقدمة أسباب انتشار ظاهرة الطلاق في موريتانيا حيث تفرض أساليب الحياة على رب الأسرة الهجرة الى دول الخليج أو افريقيا لمدة سنوات، وقد لوحظ في السنوات الأخيرة ارتباط ظاهرة الطلاق بهجرة الرجال بحثا عن عمل.
وإذا كانت نسب الطلاق بموريتانيا عالية جدا، تؤكد اخفاق الموريتانيين في الحفاظ على أسرهم، فان انتشار هذه الظاهرة أدى الى ارتفاع معدلات النساء اللواتي يمثلن العائل الوحيد لأسرهن حيث قدرت نسبتهن في المناطق الريفية بـ %42، مقابل %37 في المدن.
وهناك ظاهرة أخرى انفردت بها موريتانيا وهي انتشار زواج المطلقات حيث تؤكد دراسات أن %72 من المطلقات للمرة الأولى يتزوجن مرة ثانية، في حين تتزوج نسبة %20 مرتين ونسبة %6 ثلاث مرات ونسبة %2 أربع مرات.
ويرى موريتانيون من المزواجين أن المرأة الموريتانية كثيرة الطلاق محببة إلى الرجل، وينظر علماء الدين في موريتانيا إلى زواج المطلقات على انه ظاهرة عادية لا تتنافى مع الشرع وتحد من انتشار مرض الإيدز، ويؤكد احد الفقهاء أن المجتمع الموريتاني مجتمع متمسك بالتعاليم الشرعية ولا يخرج عنها وهذا ما يجعل نسبة الإصابة فيه بالأمراض الجنسية ضئيلة. وتعود ظاهرة زواج المطلقات المنتشرة حاليا في موريتانيا إلى الفوضوية التي يعيشها الموريتانيون الذين لم يحافظوا على حياتهم البدوية القديمة بسبب الجفاف والتصحر ولم يصلوا إلى التمدن بسبب ضعف الوسائل بعد أن تضاعف عدد سكان المراكز الحضرية في وقت لم تكن هذه المراكز مهيأة لاستقبال هذا الكم البشري الهائل.
وفيما أظهرت الإحصاءات الرسمية أن نسبة 18% من النساء المطلقات تزوجن أكثر من ست مرات لوحظ تزايد هذه الظاهرة بشكل مذهل في المجتمع الموريتاني المحتشم الذي تسود فيه التقاليد العربية الأصيلة. وأجمعت بعض المطلقات اللائي يواصلن حياة زوجية هادئة أن الطلاق ليس عيبا كما هو الحال في المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى وأعربن عن استعدادهن للزواج مرات ومرات أخرى باعتبار ذلك لا يتنافى والشرع الإسلامي.
وقد سعت السلطات للحد منتخلي الرجال عن مسؤولياتهم الأسرية عبر فرض حقوق للمطلقة نصت عليها مدونة الأحوال الشخصية الصادرة سنة 2001 والتي ضمنت لها حق نفقة أطفالها وحق المتعة.
وتعمل وزارة المرأة الموريتانية جاهدة للحد من انتشار ظاهرة الطلاق التي ترى فيها السبب المباشر في هذه الظاهرة التي تفاقمت مؤخرا، وتقوم الوزارة بحملات لتوعية المرأة من أجل المحافظة على زواجها وتعريفها بمخاطر الطلاق.
وتشمل الحملات التثقيفية التي تنفذ بإشراف بعض القيادات النسوية الموريتانية من خلال زيارات تشمل مختلف المحافظات النائية تحاول المسئولات من خلالها تعريف المرأة بما يجب أن تطيع فيه الزوج وما يجب ان تطالبه به.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الطلاق بين النساء العربيات فإنها تنخفض بشكل ملحوظ بين النساء الزنجيات اللاتييقبلن بتعدد الزوجات، كما أن غلاء المهور القياسي لدى العربيات، ينخفض بشكل كبير لدى الزنجيات.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاربعاء 17 كانون الثاني 2007