أطباء وطلاب وموظفون يقودون سيارات الأجرة في شوارع سوريا
بهية مارديني من دمشق: quot;تاكسيquot; كلمة تصرخها، وقد لا تجد من يستجيب لك، ويقف ليقلك نظرا للازدحام الشديد في شوارع دمشق، ولكن ان كنت سعيد الحظ، فأنت على موعد مع ما يشبه الظاهرة، فقد أصبح من المتوقع ان تستقل سيارة اجرة، وتكتشف ان سائقها هو زميلك في الوظيفة او الجامعة او المعهد، او ربما احد اقربائك.
مشاهدات مؤلمة لكنها واقعية وحقيقية ننقلها بامانة شديدة حسب المعلومات المتوافرة لايلاف فهي تحدث اليوم في سوريا، فهل نبدأ بالمدرّس الذي تعاقد مع مدرستين من القطاع الخاص على ان ينقل الطلاب من منازلهم الى المدرسة، والعكس على ان ياخذ ستة الاف ليرة من كل ادارة مدرسة (حوالي 120 دولار).
اما عسانا ان تحدثنا عن طبيب الاسنان الذي يعمل كسائق تاكسي في مدينة حلب (شمال سوريا)، يكون ذلك افضل فقد تخرج من الجامعة، وليس معه نقود تكفي افتتاح عيادة وتجهيزها.
ويؤسفنا ان الطبيب البشري الذي تخرج من كلية الطب 1996 يعمل على سرفيس في منطقة المزة في دمشق رفض التحدث عن ظروفه.
زميل يعمل صحافيا في جريدة رسمية يعمل سائق تاكسي في دمشق منذ اكثر من عام، قال لـquot;ايلافquot; رافضا ان تنشر حتى رموز اسمه quot;ان لديه ولدين يدرسان خارج سوريا يريد ان يرسل لهما مصاريفهما هذا بالطبع عدا مصاريفه اليومية ومتطلبات منزله الامر الذي جعله يبحث عن عمل اضافي، ولم يجد حلا الا ان يعمل على هذه التاكسي التي يملكها شقيقه، حيث يتقاسمان ساعات العمل حسب اوقات فراغهما، والامور ماشية quot;.
قاضي سابق من ضمن المفصولين من الخدمة بموجب المرسوم التشريعي الذي صدر في 2005 اصبح يعمل سائق تاكسي بعد رفض نقابة المحامين قبول القضاة المفصولين.
الطالب م.م من محافظة حماة (وسط سوريا) جاء ليدرس في دمشق في المعهد التجاري طرق ابواب المدينة الجامعية، لكن الموظفين قالوا له ان طلاب المعاهد لايمكنهم الاقامة في المدينة الجامعية الذي يستوعب الجامعيين فقط.
quot;ماذا افعل؟quot; سؤال طرحه م.م على نفسه طويلا، فهو لايتقن اي عمل سوى انه طالب، quot;ليتني لم احصل على الشهادة الثانوية quot;، هذا مااضافه في حواره الطويل مع نفسه الذي كشف لايلاف عن جزء منه.
quot;مافي شيء ماشي في البلد غير سواقة التاكسي والاكل quot;، هذا ماقاله له صديق له، ولانه يجيد قيادة السيارة، قرر الحصول على اجازة سوق عام، وهذا ماكان.
واضاف م.م انه استطاع ان يستاجر غرفة في منطقة الدويلعة في ريف دمشق، والحقيقة انها ليست غرفة بل (سقيفة)، لايستطيع ان يقف عندما يدخلها لان سقفها منخفض، ولان ليس معه نقود، ولايمكنه ان يطلي جدرانها فقد وضع العديد من الجرائد على جدرانها، والرطوبة اصبحت سببا في انتزاعها، ليعيد الكرة، وهكذا....
واكد م.م انه يدفع ايجارا لهذه الغرفة السقيفة 2800 ليرة اي حوالي 56 دولار شهريا.
اكد لايلاف quot;اصحو الساعة الخامسة والنصف صباحا، واخرج من الغرفة الساعة السادسة ثم استقل 3 سرافيس من الدويلعة الى المزة جبل (مكان المعهد) لاصل سبعة صباحا، واحاول ان ادرس خلال فترات الاستراحة بين المحاضرات في كافتيريا المعهدquot;.
واوضح م.م quot; اعود الى الغرفة الساعة الثالثة واتسلم سيارة التاكسي، واعمل حتى 11 ليلا، واكسب 200 ليرة (حوالي 4 دولار يوميا)quot;، وهي quot;يا دوب تكفي مصاريفي، طعامي ومواصلاتي ونفقات السكن، احاول ان اتدبر اموريquot;،.وقال عندما يكافح المرء يستمتع فعلا ولكن عندما يجد غيره مرتاحا (لأنه مدعوم )، وأشار ان من حقي ان اقطن في غرفة في المدينة الجامعية وخاصة انني اعمل ليل نهار واوضاعي المادية سيئة، ونوه الى ان quot;طلابا من زملائه سمحوا لهم بالاشتراك والاقامة في المدينة الجامعية لمجرد ان لديهم واسطة quot;، وقال quot;ان احد رفاقه في المعهد ياخذ غرفة كاملة في المدينة الجامعية ويقطن فيها مع شقيقه الذي يؤدي الخدمة العسكرية، وليس طالبا، لمجرد ان والده مسؤولا،علما ان الغرفة يمكن ان يسكنها خمسة طلابquot;.
وحول بعض ما يحدث معه قال ان احدى الفتيات اوقفتني لتستقل سيارة التاكسي، فاكتشفت انها احدى زميلاتي في المعهد، وخجلت كثيرا منها، وسالتني هل تعمل على هذه التاكسي؟، فقلت لها خجلا quot;لا انها لاحد اقربائي قصدني اليوم ان اعمل بدلا عنه لانه مريض quot;.
وقال ان ُسمعة سائق التاكسي بشكل عام سيئة، والبعض اساء الى هذه المهنة مثل سائر المهن، الى درجة ان احد العرب الوافدين استقل سيارة التاكسي التي يقودها م.م، وسأله quot;ما اخبار البنات؟quot;، وقال م./ quot;لقد تمنيت ان تنشق الارض وتبتلعني قبل ان اُسأل مثل هذا السؤالquot;.
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاحد 28 كانون الثاني 2007
التعليقات