quot;إيلافquot; تتجول في شوارع موريتانيا المنسيّة
أحياء الفقراء مرتع للجريمة والتعصب والتطرف

سكينة اصنيب من نواكشوط: تعرضت المدن الموريتانية خلالالعقدين الأخيرين لحركة نزوح نشطة لسكان البوادي والقرى المحيطة بها، ما أدىإلى تغيير جوهري في بنية سكانها، الذين تفاقمت أوضاعهم وارتفعت في أوساطهم معدلات البطالة التي تزيد في بعض المدن عن %30.

وتتفاقممشكلة الأمن في المدن الكبيرة، نظراً إلى اتساع أحيائها وزيادة كثافتها السكانية، فضلاً عن اتساع نشاطها الاقتصادي وما يصاحبه من خلل في العلاقات الاجتماعية حيث كشفت عدة دراسات عن وجود علاقة طردية بين زيادة نسبة الجريمة وارتفاع الكثافة السكانية للمدن، لا سيما في أحياء البناء العشوائي التي تعيش الفقر والحرمان وتؤوي داخلها عصابات إجرامية وشبكات للدعارة وترويج المخدرات.

quot;إيلافquot; جالت في أهم المدن الموريتانية لترصد الأوضاع في أحيائها الشعبية وتسلط الضوء على الوضعية المأسوية التي يعيش عليها سكان هذه الأحياء غير الشرعية حسب قانون الإسكان.

وكانت البداية من العاصمة نواكشوط فقد أدى اتساع النطاق العمراني لهذه المدينة خلال العقود الماضية الى انتشار الأحياء الشعبية الفقيرة (أحياء الصفيح) والتي واصلت نموها وزحفها متأثرة بتدهور أوضاع البادية الموريتانية جراء الجفاف وغزو الجراد وزحف الرمال وما صاحب ذلك من هجرة قروية متزايدة.

ولأن هذا النمو السكاني لم يواكب بما يتطلبه من مرافق وتجهيزات فقد تشكلت quot;أحياء الصفيحquot; أو ما تسمى في موريتانيا بـquot;الكزرةquot; أحاطت بنواكشوط وتحولت الى بقع سوداء شوهت رداء العاصمة.

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل شهدت هذه الأحياء في السنوات الأخيرة تناميا كبيرا لأشكال الجرائم من قتل وسرقة واغتصاب وسطو اضافة الى نشاط عصابات المخدرات الذي يتوارى في التجارة المقنعة والحرف الهامشية التي يسيطر عليها اللصوص، حيث تحولت أرصفة الأحياء المهمشة ومحطات النقل العمومي والأسواق إلى فضاءات مفتوحة لترويج سلع مختلفة، واستقطبت هذه الممارسات الشباب العاطل عن العمل.

في حي تابع للمقاطعة السادسة وجدنا أزقة ضيقة بالكاد يستطيع المرء أن يعبرها راجلا، مكدسة بالأبنية العشوائية التي شيدت على عجل وفي جنح الليل حتى لا تهدمها السلطات، وهي أشبه بأكواخ جدرانها من الطوب وسقوفها من الأخشاب والزنك. وما إن تتوغل داخل الحي حتى تلاحظ تداخل المباني وتشابكها، وعلى جنبات الأزقة تنتشر ساقيات الماء العمومي التي تحوم حولها النساء لتملأن المياه في العبوات البلاستيكية وتحملنها مسافات طويلة، كل شيء في هذا الحي يؤكد أن سكانه يعيشون حياة تفتقد الى أبسط مقوماتها.

وتعد الأحياء الهامشية لنواكشوط مرتعًا لعصابات الدعارة وترويج المخدرات والجماعات المتشددة تتقاسم النفوذ مع بعضها وتتعايش داخل هذه الأحياء.

وتفرض الجماعات المتشددة على الشباب عقوبات كلما رأت في سلوكهم خروجا عن الأخلاق والدين، وتلزم الفتيات ارتداء ملابس محتشمة، وتطلق تلك الجماعات على الأحياء التي تهيمن عليها أسماء معبرة مثل quot;النعيمquot; وquot;قندهارquot;.

وكانت هذه الأحياء القاعدة الخلفية لمصدري الفكر الجهادي وكانت مساجدها مركزا للتعبئة التي يقوم بها شيوخ تلك الجماعات.

وفي مدينة نواذيبو السياحية تنتشر quot;أحياء الصفيحquot; التي تضم مساكن عشوائية كثيرة وتعاني غياب خدمات أساسية مثل الماء والمجاري. وقد حول ضيق الأحياء وازدحام البنايات، الشوارع الضيقة المؤدية الى هذه الأحياء الى أسواق شعبية، يصعب حتى على دوريات الشرطة الدخول اليه نظرا إلى ضيق أزقتها واتساخها، حيث تتكدس داخل الأزقة المتربة الأزبال وتنتشر روائح مياه الصرف التي تزكم الأنوف.

وبين الحين والآخر تلقي الأجهزة الأمنية القبض على منحرفين شكلوا عصابات في هذه الأحياء ونشروا الهلع والرعب بين الناس من خلال عمليات الاعتداء والنهب والسرقة.

التحقيق منشور في ايلاف ديجيتال يوم الاربعاء 21 شباط 2007