تشيزا فوجيوكامن طوكيو: تربية الاطفال وطهي الوجبات والتحدث لعامة الشعب.. انها التغييرات الكاسحة التي أدخلتها الامبراطورة ميتشيكو على الاسرة الامبراطورية في اليابان شديدة المحافظة مما جعلها شخصية محبوبة لدى العامة. وخرجت ميتشيكو (72 عاما) عن التقاليد لتصبح أول فتاة من العامة تتزوج وريث العرش في عام 1959 لكن الحياة الامبراطورية كانت بالنسبة لها ابعد ما تكون عما يروى في القصص الخيالية.
و
امبراطور اليابان آكيهيتو والامبراطورة ميتشيكو أثناء جولة رسمية في أوروبا يوم 21 مايو أيار |
واصيبت ميتشيكو بأعراض نزيف معوي في مارس اذار الماضي ولم تشف الا قبل وقت قصير من بداية رحلتها مع الامبراطور اكيهيتو الى اوروبا في 21 مايو ايار. وتستغرق الرحلة عشرة أيام.
وقابلت ميتشيكو ولي العهد حينئذ في بطولة للتنس وصور زواجهما على انه وليد حب مما أثار تكهنات بأن تضفي الشابة الانيقة المفعمة بالحياة طابعا حديثا على البلاط الذي طالما أحاط به ستار من السرية.
وقد نجحت في عدة جوانب حيث أثارت ميتشيكو ابنه رجل الصناعة الثري إعجاب العامة حين فضلت ان تتولى تربية ابنيها وابنتها بنفسها بل انها كانت تعد لهم وجبة الغذاء التي يحملونها الى المدرسة.
وفي السابق كانت مرضعات ومربيات ملكيات يتولين تربية اطفال العائلة الامبراطوية.
وألقت أنباء اعتلال صحتها وشائعات عن سوء معاملة مسؤولي البلاط الذين يديرون حياة العائلة الامبراطورية ومن جانب والدة زوجها ايضا بظلالها على صور حياة أسرية سعيدة.
ومن أشهر القصص التي تروى توبيخ مسؤولي البلاط ميتشيكو لفتحها نافذة السيارة ليتسنى للمصورين رؤية أفضل لها وهي تحمل أول ابنائها بين ذراعيها.
وقال مسؤولو البلاط في غضب إن الامير الصغير اصيب بنزلة برد.
ودفعت مثل هذه المتطلبات في السنوات الاولي لزواجها ميتشيكو لحافة الانهيار العصبي.
ويقول ميدوري واتانابي المؤلف والخبير في الشؤون الامبراطوري quot; عانت الامبراطورة كثيرا. حتى حين اساءوا معاملتها لم تنبس ببنت شفة وركزت على تربية اطفالها الثلاثة.quot;
واضاف quot;تغلبت على تلك الاوقات الصعبة بروح قوية.quot;
واستمرت معاناة ميتشيكو حتى بعد ان اصبحت امبراطورة في عام 1989.
ففي عام 1993 انهارت ميتشيكو وفقدت القدرة على الكلام وعزا البعض ذلك للتقارير السلبية التى نشرت عنها في الصحف الشعبية. وفي عام 2006 اضطرت لالغاء واجباتها الرسمية بعدما عانت من نوبات اغماء.
وفي كثير من الاحيان تعقد مقارنة بين معاناة ميتشيكو ومعاناة الاميرة ماساكو زوجة ولي العهد الامير ناروهيتو.
وتعاني ماساكو وهي دبلوماسية سابقة درست في جامعة هارفارد من اضطراب ذهني نتيجة الضغط واعفيت من معظم واجباتها الملكية لما يزيد عن ثلاثة اعوام.
وعزا مراقبو الشؤون الامبراطورية مرضها للضعوط التي تعرضت لها لانجاب وريث ذكر الى جانب القيود التي حالت دون استغلالها خبراتها الدبلوماسية quot;كمبعوثة امبراطوريةquot;.
ورزقت ماساكو بالاميرة ايكو التي تبلغ من العمر خمسة اعوام ولكن لا يحق لها ان ترث العرش الذي لا يعتليه الا الذكور.
عاشت ماساكو جزءا من طفولتها في الخارج وقيل انها كانت قلقة جدا من الزواج من احد افراد الاسرة الامبراطورية.
ولم توافق على الزواج من ولي العهد إلا بعدما وعدها بحمايتها من مطالب حياة القصر quot;بكل ما أوتي من قوةquot;. ويتعاطف كثيرون في اليابان مع ماسكاو ويقولون ان معاناتها دليل على حاجة الاسرة الامبراطورية للتغير مع الزمن واحترام الفرد اكثر من التقاليد.
وتردد أن مسؤولي البلاط منعوا ماساكو من السفر للخارج في احيان كثيرة. بل تعرضت لانتقادات في بعض وسائل الاعلام لتمضيتها عطلة في هولندا في الصيف الماضي والتي كانت فيما يبدو تهدف لمساعدتها على التعافي.
ويقول ميكو كوداما استاذ الاتصال الجماهيري بجامعة موساشي quot;يتهم البعض الاميرة بالانانية ولكن ينبغي ان يدركوا انها تعاني من اضطراب ذهني وهو خطير احيانا مثل المرض البدني.quot;
ويبدي البعض الاخر تعاطفا اقل ويقولون ان ميتشيكو واجهت اوضاعا اكثر قسوة ولكنها اضطلعت بمهامها الامبراطورية بسمو وتعاطف تجاه المواطن الياباني العادي.
وتركت صورها وهي تركع لتحتضن ضحايا زلزال كوبي في مأوى أثرا عميقا في نفوس كثير من اليابانيين وهو تغير جذري في بلد كان يعتبر الامبراطور إلها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويقول توموكو انوكاي وهو معلق مختص بالشؤون الاجتماعية quot; استطاعت الامبراطورة ميتشيكو ان تفعل الكثير رغم الاجواء الباردة التي وجدت فيها.
quot;حتى من انتقدوها في الماضي يشيدون بها الان ويقتدون بها.quot;
التعليقات