يوسف عزيزي من طهران:ظهرت اولى المقاهي في إيران في عهد السلالة الصفوية اي في اوائل القرن السادس عشر الميلادي. اذ تتحدث الوثائق التاريخية عن انشاء أول مقهي في إيران في عهد الشاه عباس الصفوي (978 ndash; 1038 ه ق). وليس غريبا ان يتزامن انشاء المقاهي في ايران مع دخول البُن إلي البلاد في عهد الشاه طهماسب الصفوي (919 ndash; 984 ه ق).
ويعود أسباب تأخير بناء الإطارالعام لبناء المقاهي من عهد الشاه طهماسب إلي عهد الشاه عباس الى استقرار الهدوء و الثبات في الامبراطورية الصفوية في عهد الملك الاخير، مما مهد الطريق أمام انتقال الإنجازات الحضارية من الشعوب المجاورة الى ايران ومنها إنشاء المقاهي وشرب القهوة فيها.
ويبدو أن شرب القهوة في إيران ذلك الوقت لم يکن امرا حديثا بل کانت له خلفية قديمة، حيث کان الصوفيون يشربون القهوة في اجتماعاتهم الصوفية.
وکان اسلوب العمارة في بناء المقاهي في العهد الصفوي يماثل المقاهي المنتشرة آنذاك في الامبراطورية العثمانية و کذلک quot;بيوت القهوةquot; التي اقيمت لأول مرة في شبه الجزيرة العربية حيث استوعب الإيرانيون هذا التراث العربي ndash; الرومي و رحبوا به.
و تحولت المقاهي في إيران بالتدريج إلي مکان يجتمع فيه الناس من مختلف الأصناف منهم الشعراء والکتاب والرسامين والحكواتيين حيث كانوا ينشدون الأشعارو يتلون القصص ويرسمون على جدران المقاهي مما أثارمعارضة الفقهاء الذين قاموا بمقاطعتها وأصدروا الفتاوي ضد التردد إلي المقاهي التي کان لها دور ثقافي بارز في المجتمع الايراني.
وقد تطورت فنون الخطابة و الرسم بين جدران المقاهي حيث هناك مدرسة في ايران حاليا تعرف باسم quot;نقاشي قهوة خانةquot; اي مدرسة رسوم المقاهي.
و في العقود الماضية کانت المقاهي عادة تستضيف الشيوخ و كبار السن حيث کانوا يرتاحون هناک ويشربون الشاي ويستعملون النارجيلة في حين تغيرت الأجواء السائدة في المقاهي في أيامنا هذه وتحولت إلي مکان ترفيه يجتمع فيه الشباب وهم يستعملون النارجيلة ولم يقتصرذلک علي الشباب وحسب بل شمل الشابات أيضا. و تنتشرهذه المقاهي والمطاعم بکثافة في مناطق شمال طهران مثل quot;دربندquot; وquot;سربندquot; وquot;توجالquot; وquot;دارآبادquot; وquot;فرح زادquot; التي تقدم النارجيلة ويشکل الشباب غالبية الزبائن فيها.
وأثارت هذه الظاهرة الحديثة في طهران مخاوف المسؤولين والخبراء في وزارة الصحة من تعاطي المخدرات في هذه المقاهي. إذ تشيرالإحصاءات التي قدمتها هذه الوزارة إلي أن نسبة الشباب - من 15 عاما و اكبر- الذين يتعاطون المخدرات في إيران بلغ 12 بالمائة. کما أن 15 في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 13 - 15 عاما يستعملون النارجيلة في حين 3 في المائة منهم يدخنون السيجارة.
وتعتبر وزارة الصحة الايرانية هذه الأحصاءات بمثابة تحذيرلأن الأضرارالناجمة عن استعمال النارجيلة، أکثر بكثير من الأضرارالناجمة عن تدخين السيجارة. كما أن النارجيلة تعتبر مقدمة لتعاطي المخدرات ألاخري.
فعلي إثرذلک بادرت السلطات الإيرانية منذأيام بمنع استعمال النارجيلة في المقاهي والأماکن العامة.
ويري مالک أحد المطاعم في منطقة quot;دربندquot; في شمال طهران أن السبب الرئيسي لهذا الإجراء الحكومي هو منع الشباب والشابات من الاجتماع معا في المقاهي والمطاعم، و يؤيدهذه النظرة مساعد المدعي العام لمدينة طهران سالارکيا حيث يقول: لا يوجد قانون ينص علي حظراستعمال النارجيلة وتقديمها إلي الزبائن ولکن المقاهي التي تقدم النارجيلة في المشهد الذي نراه اليوم تتحول إلي مکان يجتمع فيه الشباب والشابات الذين لايراعون الشؤونات الإسلامية وهنا يمکن لقوي الأمن أن تتدخل وتواجه من يخالف القوانين.
لذا ويعتقد حميد محسني وهو أحد الشباب الذين يستعملون النارجيلة أن القانون الذي يمنع استعمال النارجيلة في المقاهي لايمكن ان يحول دون ذلك لأنهم اي الشباب يستطعيون أن يذهبوا إلي خارج المدينة ويستعملوا النارجيلة هناك و القيود تفرض على الفتيات فقط.
ولکن يبقي السؤال هو هل القانون الجديد الذي يحظراستعمال النارجيلة في المقاهي يستطيع ان يمنع الشباب من استعمالها أو انه سيزيد من إدمان الشباب علي موادأخري کتدخين السجائر بل و استعمال المخدرات الاخطر و الاكثر توفرا في المجتمع الايراني؟
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاحد 17 حزيران 2007
التعليقات