كنوزٌ بيئية في متحفٍ مائي

مروة كريدية من الشارقة:عالم البحار مسكون بالاسرار والألغاز، والبيئة المائية كونٌ ينبض بالحياة، وفي ظلّ المدنية القاهرة وايقاعها الصاخب، يلوذ الانسان بأقرب مشهد يقربه من الطبيعة بحيث يمنح داخله شيئًا من الطمأنينة والسلام تعيد للروح انسجامها. ومن اجل إضفاء مسحة جمال طبيعي في عالم رقمي، وبهدف إلقاء الضوء على البيئة في عالم تجتاحه الأزمات المادية، قصدت ايلاف أكواريوم فريد من نوعه وهو quot; متحف مربى الاحياء المائيةquot; في امارة الشارقة ومن منطقة الخان حيث المكان يشرف باطلالة مميزة على الخور؛ انها الشارقة تلك المدينة التي حاولت ان تتميز بعطاءاتها الفكرية والأدبية واحتضنت الفنون التشكيلية والمهرجانات البيئية، ويعدها الكثيرون عاصمة الامارات الثقافية.

أسماك نادرة وشعابٌ مرجانية

ابحرنا في جولة quot;مائيةquot; قرابة ساعتين غرقنا خلالها في واقع من الجمال الخالص، مشاهد يغيب فيها الانسان عن ذاته ويذوب في عالم من السحر الأخاذ، فقد صممت أنفاق خاصة وجسور مجهزة بتقنيات مطورة، يشعر الزائر وكأنه يغوص في أعماق البحار والمحيطات وهو يسير على قدميه.
احواض الشعاب المرجانية تسحر الزائر وتُسر الناظرين وتشكل خلفية للوحات جميلة تعبر الاسماك من خلالها في عوالم جميلة.

إنه عالم تحت الماء غني بالألوان والتنوع ومفعم بالحياة، حيث موطن حياة المخلوقات البحرية المتنوعة والقادمة من بيئتنا البحرية. مع وجود أكثر من 250 نوعاً من الأحياء البحرية، يستطيع الزائر أن يشاهد الأسماك الأصغر حجماً من أسماك المهرج، وفرس البحر الرقيقة، والإنقليس، وسمك الشفنين البحري، وقرش الشعاب المرجانية. إنها رحلة مثيرة تحت الماء يتجول المرء ويكتشف المخلوقات البحرية الصغيرة والكبيرة وسط البرك الصخرية والشعاب المرجانية والبحيرات الصناعية وأشجار المنجروف.

مرافقتنا، أشارت الى ان المتحف احتوى في البداية على 35 نوع من الأسماك، غير ان المتحف الان يحتوي على اكثر من 250 نوع اما الاسماك المحلية فالمتحف يحتوي على معظم الأسماك التي تعيش في الامارات، بالإضافة إلى بعض أنواع سمك القرش الأليفة.
مضيفة انه يحتوي مجموعة مميزة من الأسماك النادرة والكائنات البحرية المميزة والملونة، بحيث تم تصميم البيئة الطبيعية التي تتناسب مع كل نوع من انواعها من حيث درجة الحرارة والملوحة وغيرها.

النظم المعتمدة في quot;اكواريم الشارقة quot; تتناسب مع المعايير العالمية المعتمدة في جميع المتاحف المشابهة في دول العالم، وتتولى ادارة الاعلام التابعة له الاشراف على توفير جميع المعلومات عن الأسماك وأماكن تواجدها وتكاثرها وذلك عن طريق الأفلام الوثائقية التي تم إعدادها لهذه الغاية.
وخلال الجولة يتمكن الزائر من مطالعة المعلومات التي يريدها من خلال شاشات إلكترونية متطورة، تمكنه بسهولة عن طريق اللمس من التعرف على الاسماك وانواعها والوانها وأماكن وجودها في العالم والبيئة التي تعيشها.

وعيٌ بيئي و تواصل مع المجتمع:
وبالعودة الى بدايات المشروع الذي افتتح اواسط هذا العام فإن انجاز الاكواريم جاء ثمرة تعاون بين خبرات بريطانية ومحلية اماراتية، حيث تم الترتيب له على مدار عامين، والمتحف اذ تناول البيئة البحرية بشكل عام الا انه يركز على البيئة البحرية quot;للخليج العربيquot; ودولة الامارات تحديدا، لانه يدخل في اطار استراتيجية الدولة في تنمية الثروة السمكية وطرق المحافظة عليها، وتوفير السبل المناسبة لتكاثرها، فهو جزء من مشروع بيئي متكامل.
ويعدّ مكانًا مثاليّا للتعليم والترفيه في آن معًا وبيئة جاذبة للأطفال، وخلال تواجدنا صادفنا تلاميذ إحدى المدارس بصحبة معلميهم، وكان الاندهاش وحب الاستطلاع واضح على وجوههم، والاسئلة المطروحة تعكس الفضول في اكتشاف المجهول.

منال عطايا مديرة إدارة المتاحف بالشارقة كانت قد اشارت عند انطلاق المشروع الى الاهداف التي تسعى اليها ادارة المتاحف وتتمثل بتجسيد رؤية في تطوير آلية العمل، وإيجاد حالة من التواصل بينها وبين أفراد المجتمع بشرائحهم المختلفة وبما يتناسب مع اهتماماتهم المتنوعة.
ولتحقيق هذه الرؤية فقد وضعت الادارة خطتها الاستراتيجية التي تقوم على تحديد سبل المحافظة على متاحف الإمارة وطرق استغلالها وإعداد الدراسات اللازمة للنهوض بها وإقامة الدورات المتخصصة لتأهيل الكوادر الوطنية المتخصصة والاعتماد عليها، وإجراء عمليات البحث الميداني، وإعداد برامج تنمية وتنشيط الفعاليات الثقافية والسياحية وابتداع الأفكار والوسائل الحديثة التي تربط الأجيال الجديدة بأصالة وعراقة الماضي، بالإضافة إلى التعاون مع المؤسسات والجهات العالمية لتقديم الخدمات المميزة عالمياً في مجال إدارة المتاحف.
ويأتي مشروع الاكواريوم كجزء من المتحف البحري الذي سيتم افتتاحه قريبا ويتيح من خلاله التعرف على عمليات الغوص والوسائل التي كان يستخدمها الغواصون الأوائل والعقبات التي كانت تواجههم في رحلتهم للبحث عن ثروات البحر المختلفة ولاسيما اللؤلؤ الذي كان يعد من أهم الأعمال التي كانت تستأثر باهتمامات الغواصين، فالبحر لعب دورا رئيسياً في تطور الحياة في منطقة الخليج وكان سبباً أساسياً لجذب المستوطنين الأوائل قبل أكثر من 6،000 سنة.
إيلاف
[email protected]
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com