عشرات الجرحى والحرائق في معارك موسمية متجددة
حمى المفرقعات تلهب الاحتفالات بليلة المولد في الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر: عادت حمى المفرقعات وما يصاحبها من أجواء هستيرية لتفجر يوميات الجزائر عشية الاحتفالات بليلة المولد النبوي الشريف، وعلى منوال ما شهدته البلاد في الأعوام المنقضية، عرفت مختلف المحافظات الجزائرية سيما المدن الكبرى، نشوب ما صار يُطلق عليها محليا quot;معارك موسميةquot; التي يخوضها في الغالب شباب جزائري مراهق وينضم إليهم في مشاهد غريبة كهول ونساء وشيب أحيانا، وقد أسفرت هذه المعارك في اليومين الماضيين ndash;بحسب حصيلة أولية- عن إصابة 12 شخصا بجراح متفاوتة واحتراق 9 منازل، ناهيك عن إلحاق أضرار بمحال تجارية ومرافق عامة، وقد تبدو هذه المعطيات مبالغا فيه لدى البعض، إلاّ أنّ المتتبع لحالة '' الهيجان '' التي تعيشها الشوارع الجزائرية منذ أيام، والفاحص للمفرقعات المحظورة المحظورة الاستعمال، لكن يتم استخدامها رغم المحاذير من قنابل مدوّية وألعاب نارية، إضافة إلى الأجسام المتفجرة مختلفة الأحجام والأشكال التي تتخذ شكل زجاجات حارقة وعبوات شديدة المفعول، يدرك حجم الأثر الواقع، ما جعل الشارع المحلي يطرح أسئلة ملّحة بشأن مؤدى ظاهرة باتت تتعاظم عاما بعد عام وتنأى بالشارع المحلي عن استذكار السيرة النبوية العطرة وتعاليمها الحقيقية.

ولاحظ متحدث باسم الحماية المدنية الجزائرية لـquot;إيلافquot;، أنّ حصيلة المولد لهذا العام هي أقل عن مناسبات سابقة، علما أنّ إحياء ليلة المولد السنة المدنية عرفت 17 حريقا في شقق سكنية، وشهدت إصابة 75 شخصا بإصابات، بل أنّ بعضهم أصيب بحروق وعمى بسبب الاستعمال العشوائي للمفرقعات، ما أرغم عناصر الحماية على القيام بـ1562 تدخل.

وتحسبا لأي سيناريو غير مأمون العواقب، أعلن الأمن الجزائري حالة استنفار، حيث جرى تجنيد كل الوحدات والفرق استعدادا لوقوع أي طارئ، بالنظر إلى ما نجح quot;تجار المفرقعاتquot; في إغراق الأسواق المحلية به كعادتهم في مثل هذه المناسبات، رغم المطاردات الهولييودية التي يتعرضون لها.

وفيما يعتبر فريق من الجزائريين، أنّ quot;الأمر لا يستدعي التهويلquot; على حد تعبيرهم، ويعتبرون المفرقعات مظهرا للفرح والاسترخاء النفسي (..)، يبدي قطاع آخر من الموطنين هناك، غضبهم حيال تفاقم ظاهرة المفرقعات التي صارت تفسد حلاوة وجمالية الاحتفال بمناسبة دينية من شأنها ربط الناشئة برموزهم وعظماء دينهم، ولم تفلح مطاردة قوات الشرطة وعناصر الجمارك لمستوردي المفرقعات، ولا حجز كميات ضخمة منها، دون القضاء على المفرقعات التي يجني باعتها أرباحا طائلة كل سنة، ما جعل دائرتها تتسع برغم كل التقييدات، والمواعظ التي تلهج بها ألسنة الأئمة والخطباء.
والمثير أنّ تمظهرات ليلة المولد في الجزائر العتيقة وما كان يفضله الجيل الماضي، من شموع وبخور وأجسام مضيئة اختفت بشكل شبه كامل، فاسحة المجال أمام المفرقعات التي استمر هواتها في العبث بها إلى أوقات متأخرة من ليلة أمس، وتسببت في إحداث حالة من الهلع وسط سكان الأحياء الشعبية وداخل المجمعات السكنية والأماكن العامرة على غرار ساحة الشهداء وسط العاصمة.

وتكاد المبالغة في مظاهر الاحتفال تفقد هذه الذكرى السعيدة معانيها السامية، في ظلّ الإفراط في تفجير آلاف الأطنان من المفرقعات، والأضرار الجسدية التي يتعرض لها مواطنون أبرياء، إذ تكتظ أقسام العيون بالمستشفيات بالمئات من الإصابات كل عام.

المثير في الموضوع، أنّ دوائر الرقابة تعلن كل سنة عن احتجازها كميات ضخمة من المفرقعات تصل في أحايين كثيرة إلى عشرات الحاويات، بل أنّ الدرك الجزائري أعلن في تقريره الأخير أنّ فرقه حجزت أكثر من ثلاثة ملايين مفرقعة، والآلاف من علب الألعاب النارية الخطيرة، كما أوقفت 37 شخصا متهما بالمتاجرة غير الشرعية بهذه المواد، بيد أنّ المتجول في العاصمة الجزائرية وضواحيها ndash; على سبيل المثال لا الحصر ndash; يلحظ أصنافا وألوانا من المفرقعات وبكميات غير محدودة، ما يجعل المرء يتساءل عن حجم المفرقعات التي يتمكن عرابوها من تسريبها إلى الجزائر رغم أنف السلطات.