الجانب الاخر من حياة العراقيين: زهور وشتول لتزيين حدائق المنازل
خليل جليلمنبغداد: تبدو حياة العراقيين اليومية قتلا وتهجيرا ونزوحا هربا من الموت المتنقل الذي يطاردهم، لكن الجانب الاخر منها هو اهتمام بالزهور والشتول لتزيين حدائق منازلهم بعدما هجروا تلك المساحات الخضراء زمنا طويلا.
ويقول علي الربيعي الذي يملك مشتلا متخصصا ببيع الزهور والنباتات ان quot;الناس يقبلون بشدة على شراء الزهور والنباتات هذه الايام، بعدما ابتعدوا تماما عنها خلال الاعوام الماضيةquot;.
واضاف الربيعي (40 عاما) وهو يتنقل بين الزهور في مشتله الذي تناهز مساحته مئتي متر مربع ويقع في شارع رئيسي في منطقة زيونة (وسط بغداد)، quot;في الاعوام القليلة الماضية، لم تكن الاسر البغدادية تهتم بامور الحدائق المنزلية وتربية الزهور بسبب انشغالها بصعوبات الحياةquot;.
وتابع quot;كان المشتل مهملا تماما ولا احد يزوره او يفكر في دخوله حتى اسابيع قليلة مضتquot;، موضحا ان quot;اصدقائي وزبائني القدامى عادوا للبحث عن زهور وشراء شتول لزرعها في حدائق منازلهمquot;.
وعموما، يفضل العراقيون زراعة حدائق منازلهم بالورد الجوري والياسمين الابيض والسندسي كونها تلائم ظروف البلاد المناخية، بالاضافة الى نباتات ظلية مثل المطاط. واحيانا توضع هذه الزهور داخل المنازل لانها تعطي انطباعا جيدا.
كما يحتفظ البعض بطيور في حديقة المنزل والتي تبيعها اسواق خاصة مثل سوق الغزل في بغداد.
ويحرص عدد كبير من العراقيين على احاطة منازلهم بنباتات متسلقة لجمال منظرها ولكونها غطاء يحمي المنزل من حرارة الصيف الذي يستمر اشهرا عدة.
وتقول ام احمد التي اعتادت على زيارة مشتل الربيعي quot;اقصد المشتل باستمرار لمشاهدة الزهور واقتناء ما يعجبني منهاquot;، وتضيف quot;البيت بلا حديقة وبلا زهور صحراء لا تمنح الراحة ولا الحياةquot;.
واكدت هذه السيدة الاربعينية ان quot;حديقتي هي اول ما اتطلع اليه في الصباح وبوابتي لدخول يومي الجديد. واشعر براحة نفسية كبيرة حين ارى الورود والنباتات الخضراء في بيتيquot;.
وتشتهر بغداد بحدائق كانت مقصدا لالاف العراقيين ايام العطل، وخصوصا في مناطق الجادرية (جنوب) والراشدية (شمال) والزوراء (وسط)، بالاضافة الى شوارع مميزة مثل ابي نؤاس وكورنيش الاعظمية عرفت بحدائقها الممتدة على ضفاف نهر دجلة.
لكن هذه الحدائق الكبيرة اما اصبحت اسيرة قوات الاحتلال الاميركي على غرار متنزه الراشدية السياحي (شمال)، واما اغلقت لاسباب غير معروفة كما حدث لحديقتي ام الاعراس والجادرية (جنوب).
ويوضح ابو محمد (58 عاما) الفلاح في مشتل quot;النهرينquot; في منطقة الكرادة وسط بغداد، ان quot;الظروف التي نعيشها هي السبب، كما ان النقص في مياه الري يعرقل الزراعة في المشاتل والحدائق عموما، فشح هذه المياه يؤثر على زراعة النباتاتquot;.
ويضيف ابو محمد حاملا في يده معولا صغيرا quot;نضطر الى شراء المياه لري المشتل وضمان نجاح الزراعة فيهquot;.
ويناهز سعر النباتات الصغيرة التي تباع في المشاتل خمسة الاف دينار عراقي (اربعة دولارات)، فيما لا يقل سعر الانواع المستوردة والمفضلة عن اربعين الف دينار ( نحو ثلاثين دولارا).
وتنتشر المشاتل في مناطق محددة في العاصمة مثل زيونة والكريعات وشارع صدر القناة والسيدية والجادرية والكرادة الشهيرة بالبساتين والمشاتل.
ويلاحظ ان هذه المشاتل باتت تشهدا ازدهارا ونموا في الاونة الاخيرة على صعيد استقبال محبي الزهور وهواة اقتناء الشتول والنباتات لتزيين المنازل.
التعليقات