وإيزابيل أيشــنبرغر: وصفت السيدة كارول د. لسويس انفو في اتصال هاتفي من العاصمة المكسيكية الأجواء الغريبة في هذه المدينة المُكتظة التي هدأت فيها الحركة فجأة بعد أن أجبرت أنفلونزا الخنازير ملايين السكان على المكوث في بيوتهم منذ نهاية الأسبوع المــاضي.
التجمـُّعات العامة عُلـّقت، والمدارس والجامعات والمتاحف والحانات أغلـِقت، ورئيس بلدية مدينة مكسيكو أعلن أن هذه الإجراءات قد تمتد لمدة عشرة أيام..

على أية حال، فإن العطلة على الأبواب من 1 إلى 5 مايو، حتى أن البعض قد يقول إنها مُناسبة جيدة للابتعاد عن العاصمة.

هذا بالضبط ما قرّرته السيدة كارول د.، أصيلة كانتون فريبورغ السويسري والمقيمة منذ 20 عاما في المكسيك حيث تعمل كوكيلة عقارية في العاصمة.

وتقول في تصريحاتها لسويس انفو يوم الثلاثاء 28 أبريل: quot;نحن نضع الأقنعة في المدينة، ونحاول حماية أنفسنا واحترام تعليمات السلامة. فهي واضحة جدا: لا بُدّ من غسل اليدين، وارتداء القناع، والهرع إلى المُستشفى فور (ظهور) أدنى الأعراض. ولقد شرحوا لنا أن ما لا يجب فعله بتاتا هو محاولة تناول دواء quot;تاميفلوquot; دون استشارة طبية ودون أن يكون الشخص مريضاquot;.

كما أوضحت السيدة كارول د. أن quot;الجميع يعاني من السّعالquot; بسبب حرارة الطقس المُرتفعة حاليا في مكسيكو (33 إلى 34 درجة) واستخدام أجهزة التكييف، وبالتالي quot;من الصعب معرفة من هم الأشخاص المصابون حقا (بأنفلونزا الخنازير).

واستكملت قائلة: quot;يبدو أن هنالك الكثير من الشباب بين الموتى، وآمل أن تكون الحظوظ أفضل إذا ما توجـّه الشخص على الفور إلى المستشفى وخضع سريعا للعلاجquot;.

المكسيكيون يُدركون خطورة الوضع
إبنة السيدة كارول د. توقّفت عن الذهاب إلى الجامعة. أما الأم فقد وضعت قناعا وحاولت التوجه إلى مكتبها يوم الإثنين (27 أبريل) لكنها عادت بسرعة إلى منزلها: quot;أمكث في بيتي وأستمع للنشرات الإخبارية الإذاعية والتلفزيونية التي لا تحصى ولا تُعد، كما أتصفح مواقع الإنترنت. ثـم إن الهـستيـريا الإعلامية لا تساهم إلا قليلا في تهدئة مخاوف الناسquot;.

ولا تُخفي المواطنة السويسرية خوفها: quot;لا يجب الذهاب لا إلى المصرف ولا المطعم أو أي مكان آخر، فالشوارع فارغة منذ الأحد الماضي بشكل لا يُصدَّق، لا يوجد اختناق حركة السير (المعهود)، لا شيء. في العادة، لا يأبه المكسيكيون لأي شيء، لكنهم الآن أدركوا خطورة الوضع. ومازالت هنالك بعض المكاتب المفتوحة، وهو أمر اعتبره سخيفاquot;.

وتضيف السيدة كارول د. أن المكسيك مختلف عن سويسرا، وأن العديد من المكسيكيين لا يزالون غير مُنضبطين للغاية ولا يتـّبعون إجراءات السلامة أو لا يحترمونها جيدا.

وتابعت: quot;لقد لاحظت يوم الإثنين أن حوالي أربعة سائقي سيارات الأجرة فقط، من أصل عشرة، يضعون قناع الحماية. وتكتظ محطات وقوف الحافلات وقطارات الأنفاق بالفقراء المُضطرين للذهاب إلى العملquot;.

وتأمل أن تتمكن من الذهاب رفقة ابنتها بأسرع أجل في عطلة نهاية أسبوع طويلة إلى منزلها بمنطقة كويرنافاكا (Cuernavaca) الجبلية جنوب البلاد، quot;لكننا لا نستطيع الذهاب على الفور. وقلقنا الكبير الآن يتعلق بصديق ابنتي الذي يعاني من حمى بلغت 39 درجة منذ مساء الإثنين (27 أبريل) ولا بد أن يخضع لاختبارات في المُستشفى. أخشى أن يكون قد أصيب (بأنفلونزا الخنازير). وإن كان الأمر كذلك، فإن ابنتي وأنا سنُصاب بالمرض حتما...quot;.

المشكلة في... المطار
وحسب حصيلة رسمية مؤقتة، أودت انفلونزا الخنازير في المكسيك بحياة 7 أشخاص (بعدما كان العدد يتجاوز 100 قبل يومين). ورغم توصيات منظمة الصحة العالمية، قررت بلدان مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان تقييد الأسفار باتجاه المكسيك. وقد ألغت وكالة الأسفار الأوروبية quot;توماس كوكquot; رحلاتها إلى المكـسيك.

وفي سويسرا، توصي السلطات الصحية أيضا منذ مساء الثلاثاء 28 أبريل بتأجيل الأسفار إلى المكسيك، وخاصة إلى العاصمة.

غير أن السيدة كارول د. ترى أن هذه الإجراءات جاءت في وقت متأخر لأنها على قناعة بأن مصدر المشكلة هو مطار مكسيكو الضخم، إذ تعتقد أنه كان يتعين على السلطات إغلاقه أو منع الناس من الخروج منه: quot;في هذا الحشد الهائل، يكفي أن يعطس شخص مريض لينتهي الأمر. فبهذه الطريقة أصيـبَ الأوروبيونquot;.

كما روت، حسبما يروج من شائعات، أن مواطنا أمريكيا قدم في مطلع شهر أبريل قد يكون الشخص الذي تسبب في انتشار الفيروس، مُضيفة: quot;لقد سقط مريضا وعاد إلى الولايات المتحدة لـيستمر (انتشار المرض) هناك. أنا متأكدة من أن الإصابة تحدث في المطارquot;.

خطأ الأمريكيين؟
من جهتها، أوضحت منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء 28 أبريل أنه من الممكن quot;أن تكون الحالات المشتبهة بالإصابة بأنفلونزا الخنازير في الولايات المتحدة قد نقلت الفيروس إلى أشخاص آخرين في هذا البلد، وهو ما يعني أن المرض ينتشر خارج دائرة المسافرين العائدين من المكسيكquot;.

واعتمدت المنظمة، حسب المتحدث باسمها غريغوري هارتل، على حقيقة أن quot;مصدر بعض الإصابات في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا لم يتأكدquot;.

عدم اليـقين هذا يـُحدث الكثير من الأضرار ويتسبب في تداول أكثر الشائعات إثارة، مثلما تشرح محاورة سويس انفو في مكسيكو التي تضيف: quot;لدى زيارته إلى المكسيك، تجول الرئيس أوباما في كل مكان، كما زار متحف الأنثروبولوجيا وصافح المدير الذي توفي بعد ثلاثة أيام من ذلك (الأسبوع الماضي). وربما يشعر باراك أوباما بالخوف أيضا، لكنه خضع بالتأكيد للفحصquot;.

السفارة السويسرية
أما السفارة السويسرية في مكسيكو فأشارت إلى أنها تلقت خلال الأيام القليلة الماضية quot;عددا هائلا من المكالمات الهاتفيةquot; من قبل سويسريين مقيمين في البلاد قلقين إزاء الوضع.

وأوضح مكتب الإعلام في السفارة أن quot;هؤلاء الأشخاص أُعلــِموا بالإجراءات التي يجب اتخاذها، بالتوافق مع توصيات منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية المحلية. وقد تم تحديث موقع السفارة وإرسال مذكرة إلكترونية لأعضاء الجالية. كما يتم تحديث نصائح وزارة الخارجية السويسرية للمسافرين بانتظامquot;.

وفي سياق تدابير أقرتها خلية الأزمة بالسفارة السويسرية في مكسيكو، اتُخذت جملة من الإجراءات لحماية العاملين فيها، مثل الحد من تنقلهم وسط المدينة إلا للضرورة القصوى. وفي الختام، يبدو أن فريق السفارة يحتفظ بـ quot;روح إيجابيةquot;.