بيروت: تسود حالة من الهوس الصحافة الفنيَّة المسماة صفراء بفعل ما يؤمنه لها للأسف كثرة من الفنانين الذين يزودونها بالعناصر الكافية لكي تفبرك المواضيع المثيرة مع عناوين نارية جاذبة تصب تمامًا في مرمى حفنة سطحيَّة من المشتغلين خلسة في الوسط الإعلامي.
نعم، يتولى نمط غير محمود من الفنانين تسليم حيثيات قضايا ووقائع، لمن لا يعرفون معنى المهنة ومبادءها، فينقلونها بكل التفاصيل المملة والسلبية، وإذا بالفنان ملام وبالصحافي يحول قيمة ومستوى الكتابة الى قلة احترام، ولا تعود محط تقدير جماهيري، فالناس إختبرت طويلاً مثل هذه العلاقة الملتبسة التي أسهمت في تردي الخطاب النقدي لأن المناخ الفني العام ما عادت تحتمل سلبياته.
مطبخ الأخبار
إنها المرجعيات التي يصطاد منها النمامون وأنصاف العارفين، والمتسلّلون الى الصفوف الأولى في المهنة، الأخبار المؤذية، والمعلومات الخاصة جدًا، لكي يستخدموها ضد أصحابها، أو تكون لهم مصالح أخرى لا تقف عند حد.
من هذه المكاتب تخرج جميع الأخبار، سواء التي يسرّبها الفنان عن قصد أو التي يعرفها الفنان ويكون بحاجة الى من يريحه فيبوح بها، ومن ثم يتولى حامل الخبر تلميعه ووضعه في إطار جاذب لكي يصل الى العموم في أسرع وقت. من خلال عنوان براق يدعو الى متابعة التفاصيل.
أبغض الحلال
غالبًا ما يكون الخبر المتعلق بالطلاق صحيحًا، لكنه يبدأ مع إشاعة، يتم نفيها مرات متعدّدة ، قبل أن تتبيّن صحتها من خلال انفراط عقد الطرفين واتصال كلّ منهما بالصحافيين المعتمدين لديهم لكي يروّج كلّ منهم لما يريده الواحد من الآخر.
واذا كنا قدأخذنا هذا الجانب فلأنه الأكثر تداولاً، وتكثر حالات الإنفصال، وهنا يظهر حزبان من الإعلاميين؛ واحد للزوج وآخر للزوجة، وينسحب على هذا القياس معظم الواقعين تحت شر الخلاف ثم الإنفصال، وإذا بالمحطات الفضائية تدخل على الخط من خلال برامج تعتاش من خلافات الناس، وتجتهد من أجل إحداث وقيعة بين كل اثنين على علاقة طيبة.
آخر الغيث
ما تحرمني من اولادي
ما تحاربني باولادي
علمتهن حبك مني
حولت نارك لجنة
شو ذنبهن لتئذيهن
بهذه الكلمات شدت الفنانة نوال الزغبي، مخاطبة زوجها السابق ووالد أبنائها (ايلي ديب) بما يعني أن المشاكل القائمة بينهما مستمرة، وهي مطروحة علنًا ومن دون أي خجل من الجمهور، حيث يمكن بحث هذا الموضوع البالغ الأهمية في جلسة بينهما كرمى لأبنائهما، وفي أضعف الظروف بالإمكان مناقشة هكذا أمر عبر الهاتف بينهما لكي يبقى موضوع الأولاد خطًا أحمر يمنع على كلا الطرفين التفريط به.
ولسنا هنا بصدد مناقشة من هو المحق في الخلاف الدائر بينهما، بل المشكلة هي في تحويله علنيًا من دون الأخذ في الاعتبار ما يعود سلبًا على أبنائهما، وهنا تتاح الفرصة لوطاويط الصحافة لكي يقولوا ما ليس لائقا بحق العائلة بالكامل.
خطوط حمراء
كثيرة جدًّا هي النماذج التي عايشها الناس على مدى السنوات الأخيرة، وكانوا متأسفين لانتهاء الحياة الزوجية لفنانين وفنانات محترمات، وقد تنوعت الحيثيات من حالة الى أخرى، فانفصال ماجدة الرومي عن زوجها أنطوان دفوني كان أقل الحالات تناولاً في وسائل الإعلام، نظرًا لما تحظى به ماجدة من احترام، ولرفضها مع زوجها السابق أي تناول لعلاقتهما السابقة، وقد نجح الصمت في القوطبة على كل المصطادين في الماء العكرة.
لكن مي حريري وزوجها السابق أسامة شعبان، وصلا الى المحاكم، وضجت المجلات والصحف والبرامج التلفزيونية (التي تهتم بالفضائح) بقصص لا عد لها، ولقاءات مع كلا الزوجين المتخاصمين قالا فيها كل شيء واتهما بعضهما البعض على نطاق واسع، الى حد أن مي كانت ممنوعة من دخول لبنان ولم يتغير الوضع الا مع صدور حكم قضائي لصالحها وتناثرت التفاصيل والخصوصيات في كل اتجاه وباتت حكاياتهما على كل الألسنة.
ديانا حداد وبعد فترة من إنكار صحة الإشاعات التي ثارت حول اضطراب علاقتها بزوجها السابق الإماراتي سهيل العبدول، صدر بشكل محترم بيان مشترك عنهما يفيد باتفاقهما على الانفصال بهدوء.
غريس ديب خاضت أقصر زواج، حتى أقصر من زواج الشحرورة صباح من رشدي أباظة، فقد ارتبطت لمدة 48 ساعة فقط أعلنت بعدها أنه حصل إبطال زواج وليس طلاقًا وأنها لن تضرب عن الزواج بسبب ما حصل.
هيفاء وهبي نموذجًا
كما استطاعت هيفاء وهبي أن تحمي الخطوط الخلفية لزواجها من رجل الأعمال المصري محمود أبو هشيمة وتتفادى كل محاولات إثارة أعصابها لكي تقول شيئًا حول هذا الزواج لكنها لم تفعل، وظلت خصوصياتها ملكًا لها وحدها. فكان أن استعصى على الجميع اختراق دائرة الحماية الذاتية من أي باب.
دوللي شاهين لاحقتها إشاعات عديدة خلال العامين الماضيين عن زواج ثم عن طلاق ثم عن حب جديد وصولا الى مبادرة شخصية ومفاجئة، أعلنت خلالها ارتباطها بمخرج لبناني شاب وهي تتحضر لتصوير أغنيتين من إخراجه ثم سيعملان على مباشرة فيلم روائي يفترض إنجازه هذا الصيف. ومرت الأمور معها بسلام ومن دون مشاكل.
وتفادت الممثلة نور (ماريان حبيب) كل المتوقع سلبًا وتصرفت بعقلانية، فهي أقامت زفافها في لبنان وسط أفراد عائلتها من شاب سوري الأصل عاش طوال عمره في مصر، ولم تنشر لهما أي صورة مشتركة، وبالتالي لم يعرفه أحد. فقط عرف الجميع أن نور تزوجت وهي حاليًا حامل في أشهرها الأولى لكنها تدرس عددا من العروض الجديدة.
الممثلة والكاتبة (الحب الممنوع) ريتا برصونا كانت تزوجت بعيدا عن الأضواء، وعرف الجميع أنه يعيش خارج لبنان ومضت فترة ظهرت بعدها حاملاً ثم أنجبت طفلها الأول، ولم تدع مجالاً لأي قيل وقال، سواء في الوسط الفني أو الإعلامي.
لكن أسرع زواج فاجأ الجميع كان لـ أمل حجازي التي ومن دون أيّ مقدمات تزوجت وأنجبت وأخذت إجازة أمومة تعود منها الى الفن قريبًا مع ألبوم جديد ولقاء مفصل وعدت quot;إيلافquot; به خلال أسبوعين على أبعد تقدير.
بعد كل هذه الأمثلة على تنوعها ما بين جيد وسيئ التقدير والتنظيم، نجد أن الحياة الخاصة للفنان هي الخط الأحمر، الذي عليه إبعاد الجميع دونما استثناء عنه لحفظ استقراره وطمأنينته بعيدًا من المنغصات التي يكون وراءها غالبًا، ميليشيا الصحافة الصفراء الذين يأخذون وضع الانقضاض على الأخبار التافهة لإيذاء أكبر عدد ممكن من الناس.
يبقى القول إنَّ الفنان المحترم الذي يقوم بواجباته على أفضل ما يرام، يحيّر الحاسدين والمتطاولين على مهنة الصحافة ويبقى رافع الرأس أينما حلّ.
التعليقات