على الرغم من التهميش الذي تعرَّضت له في آخر أيامها إلاَّ أنَّ أمل رباب في الحياة كان جمهورها

دبي: على الرغم من كل التجاهل الذي تعرضت له في السنوات الأخيرة من حياتها، وخصوصًا الأيام الأخيرة منها، الاّ أن الفنانة الراحلة رباب كان أملها في الحياة وداعمها المعنوي في تحركاتها، هو حب جمهورها لها ومطالبتها بالإستمرار وعدم اليأس، وحبها الكبير في تقديم المزيد من الفن الذي سيكتب تاريخها وسيبقى من بعد مماتها.

وعلى الرغم من عطاءاتها الفنية التي استمرت قرابة 29 عامًا، الاّ أنها لم تملك أي منزل خاص بها، وأمضت أيامها باحثة عن لقمة العيش، على الرغم من أنّها تقدم فنًّا، وهي المهنة التي أدرت أموالاً كبيرة على أهلها من المطربين والمغنيين، وعاشت أيامها الأخيرة تنتظر من يطرق بابها، يقفل أوقات التهميش والتجاهل التي تعيشها من قبل شركات الإنتاج الباحثة عن مواصفات معينة، وكانت دائمًا ما يثيرها عندما ترى بعض مطربات العري اللاتي يتقدمن وينجحن دون وجود الموهبة من عند رب العالمين.

أيامها الأخيرة
الأيام الأخيرة في حياة رباب كانت مليئة بالأحداث التي كانت إحدى أسباب تراكم المرض عليها، والذي كان آخرها عندما سحب منها غناء quot;تترquot; إحدى المسلسل الرمضانية الخليجية، وإسناده الى مطربة أخرى، بعدما كانت تنتظر خروجها من المستشفى في شهر مايو الماضي لوضع صوتها على الأغنية.

هذا وقد عرض عليها غناء تتر مسلسل خليجي آخر، الا أن الموت سبقها ومنعها من وضع صوتها عليه، حيث كان مقرراً أن تضع صوتها في أحد ستوديوهات دبي عندما يصل منتج المسلسل وإنهاء عملية التوزيع الموسيقي له.

عندما ذهبت الى المستشفى لم يتم نقلها بحالة طارئة، لأنها بدأت الأزمة لديها من خلال ألم حاد في الرأس، نقلها شقيقها علي العمارة quot;أبو حسينquot; الى مستشفى الزهراء، وهناك ذهبت في غيبوبة الى أن فارقت الحياة.

آخر وقفاتها على المسرح كانت في الحفل الختامي لبرنامج quot;نجوم الخليج 5quot; وقدمت به أغنية جديدة من إنتاجها الخاص، وقبلها بأسبوعين خلال إحدى حلقات المسابقة عندما قدمت الأغنية quot;الدويتوquot; مع الفنان حاتم العراقي، وهي أغنية إجتماعية حوارية جاءت كلماتها من قبل الشاعر العراقي حامد الغرباوي ولحنها حاتم العراقي نفسه.

بعد إنتهائها من المشاركة بلجنة التحكيم بمسابقة نجوم الخليج، قامت بدعم بعض الأصوات المشاركة في المسابقة، لتقدم مع المتسابق العراقي ثامر حسن بشكل quot;دويتوquot; ومن دون مقابل أغنية للأم بمناسبة عيد الأم، ثم بعدها بأيام مباشرة أغنية أخرى وطنية لأهل العراق قدمتها مع المتسابق عمر باسل، والتي صورتها الى جانبه بطريقة الفيدو كليب.

عاشت رباب خلال أيام الأخيرة وهي تعيش على أمل واحد، وهو زيارة دولة الكويت التي أقفلت أمامها وأمام كل quot;الوساطةquot; التي تدخلت من أجل عمل تصريح زيارة لها، الاً أنها الأمنة بقيت الى آخر رمق من حياتها وهي في محطة إنتظار، على الرغم من المحاولات المتكررة الكثيرة التي تم الحديث بها مع شخصيات مهمة وكبيرة بالحكومة الكويتية، حسب روايات بعض من حولها.

وكان آخر أعمال الراحلة رباب من الألبومات الفنية ألبوم quot;آخر قراريquot; الذي قامت فيه بغناء عدد من آخر أعمالها، والذي جاء من إنتاج روتانا التي إنفصلت عنهم بعد تهميشها المتعمد - حسب تصريحاتها الأخيرة بالبرامج التي حلت بها - ليكتب لها أن يكون آخر أعمالها المطروحة بالفعل.

رباب في أيامها الأخيرة لم تكن تخفي ضيقها ذرعًا بالعزلة الفنية والتجاهل الإعلامي والفني الذي تعيشه، وشبهت هذا التجاهل بأنه quot;سم بطيء يسري بهدوء قاتل في الجسدquot; وكانت تؤكد دائمًا أن عذاباتها ومعاناتها روحية أكثر منها جسدية.

حياتها (1955 ndash; 2010)
ولدت الفنانة الراحلة رباب وأسمها الحقيقي quot;خيرة عمارةquot; في مدينة البصرة بالعراق العام 1955 ثم غادرت مع عائلتها وهي في عمر الستة أشهر إلى الكويت ونشأت وترعرعت فيها.

وفي العام 1977 تقدمت رباب إلى برنامج الموهوبين في تلفزيون الكويت ونجحت كأفضل صوت واعد وبعدها بعام دخلت كورال على مسرح التلفزيون الكويتي العام 1978 ونالت جائزة أفضل كورال لتشارك فنان العرب في حفلة على مسرح الكويت، ومع ذلك فقد كان ظهورها في الساحة الفنية صعبًا لأنه لم يكن للمطربات الخليجيات نصيبٌ في حصد النجومية ما عدا عتاب وابتسام لطفي وتوحة من السعودية، ممن كان لهن من سطوة في الغناء.

تعاملت رباب مع العديد من الشركات مثل شركة quot;بوزيد فونquot; ونجمة الفضة ويوسف حيدر الفنية واستقرت في شركة فنون الجزيرة وأنتجت لها الشركة أغلب ألبوماتها، قبل أن تغيب وترجع بألبوم quot;آخر قراريquot; مع شركة روتانا.

وكان مطلع الثمانينات الانطلاقة الحقيقية لشهرة رباب بعد أن قدمت ألبوم quot;اجرحquot; في العام quot;1980 لتستحوذ على الساحة وقتها وتنال شهرة كبيرة ومنافسة للفنانة الكويتية ليلى عبدالعزيز، وتقتحم الساحة بعد ذلك بألبوم quot;لا تناديquot; وquot;رباب 1981quot; ثم الأغنية الرائعة quot;جبرني الشوقquot; في العام التالي.

تعاملت المطربة رباب مع العديد من الكتاب والملحنين المبدعين وعلى رأسهم الشعراء الأمير خالد الفيصل، الأمير بدر بن عبد المحسن، الشيخ فهد الأحمد، الشيخ محمد بن راشد المكتوم، فايق عبدالجليل، عبد اللطيف البناي، بدر بورسلي خليفة العبدالله الخليفة، الناصر، الشيخ دعيج خليفة الصباح، مبارك الحديبي.

ومن الملحنين قدمت مع الكويتي راشد الخضر أفضل الأغاني وكذلك مع الدكتور عبدالرب إدريس وطلال مداح وغنام الديكان وسليمان الملا وخالد الزايد وأنور عبدالله وعارف الزياني.

هذا وكانت قد كرّمت خلال مسيرتها في مناسبات عديدة منها التكريم في القاهرة quot;1985quot;، وفي قرطاج quot;1986quot;، وفي البحرينquot; 2003quot;، وقطرquot; 2002quot;، كما شغلت عضوية التحكيم في مسابقات quot;نجوم الخليج 5quot; الغنائية، وتم تكريمها في نهاية المسابقة ضمن الأسماء المكرمة وقتها.