تشرح روث كينا في "حكومة اللادولة" كيف ينظر اللاسلطويون إلى الدولة بوصفها العدو، كيف أصبحت الأناركية من بين أكثر التيارات السياسية جرأة وإبداعًا في العصر الحديث.

في كتابها الجديد "حكومة اللادولة" The Government of No One (منشورات بيليكان، 20 جنيهًا إسترلينيًا)، تقدم روث كينا، أستاذة الفلسفة السياسية في جامعة لوبورو البريطانية، شرحًا عن الأناركية، أكثر التيارات السياسية جرأة في العصر الحديث.

من الناحية التاريخية، نشأت الأناركية إجابة متطرفة للسؤال: "ما الخطأ الذي وقع؟" الذي أعقب النتيجة النهائية للثورة الفرنسية. استُخدمت بمعنًى ازدرائي حتى عام 1840، عندما استعملها بيار جوزيف برودون لوصف أيديولوجيته السياسية والاجتماعية، مدعيًا أن التنظيم من دون سلطة أمر وارد، بل مرغوب. ومع تطور الأفكار السياسية، يمكن النظر إلى الأناركية باعتبارها التصور النهائي لكلٍّ من الليبرالية والاشتراكية.

الأناركية والشيوعية

تشرح كينا في كتابها كيف ينظر اللاسلطويون إلى الدولة بوصفها العدو، وكيف طبقوا التفسير نفسه مع نتيجة كل ثورة في القرنين التاسع عشر والعشرين.

ولدت هذه العقيدة في القرن التاسع عشر، وهي من بنات أفكار الثالوث الاشتراكي التحرري: الفرنسي بيار جوزيف برودون، والثوريين الروسيين ميخائيل باكونين وبيتر كروبوتكين، لذلك تتقاطع مع رؤية كارل ماركس في بعض القضايا. فكلاهما يؤمن بالصراع الطبقي وإلغاء الملكية الخاصة وإطاحة الدولة.

كان الاتجاه السائد في الدعاية الأناركية على مدار أكثر من قرن هو الشيوعية اللاسلطوية التي تنادي بأن تقع ملكية الأرض والموارد الطبيعية وأدوات الإنتاج تحت السيطرة المشتركة للمجتمعات المحلية، والتي تتحد مع مجتمعات أخرى لأهداف متبادلة لا حصر لها. تختلف عن اشتراكية الدولة في معارضتها فكرة وجود أي سلطة مركزية.

الانتشار

يذكر الكتاب كيف أصبحت الأناركية من بين أكثر التيارات السياسية جرأة وإبداعًا في العصر الحديث، من كومونة باريس في عام 1871، وهي من أهم الحوادث الثورية التي حركت المياه الراكدة في تاريخ فرنسا، إلى حركة "احتلوا وول ستريت" المناهضة للرأسمالية في ولاية كاليفورنيا الأميركية في عام 2011.

بحلول نهاية القرن التاسع عشر، أصبح للحركة وجود عالمي من الأوروغواي إلى اليابان. غير أن ما كان يُطلق عليه اسم "أناركية حديثة" في القرن التاسع عشر أصبح متشعبًا، فالأناركية لم تعد تضم شريعة واحدة من المفكرين أو التقاليد الفكرية. بل هي جزء من مجموعة من الثقافات والظروف والآفاق.

تاريخيًا، شارك اللاسلطويون بمجموعة من الأهداف والممارسات، لكنهم طوروا أيضًا أفكارًا متعددة، وغالبًا ما تكون متباينة، حول ما ينبغي أن يبدو عليه المجتمع الأناركي وكيفية تحقيقه.

حوار عبر المكان والزمان

تركز كينا في كتابها على الطرائق التي فسر بها الأناركيون بعضًا من مفاهيم الأيديولوجية الأساسية وممارساتها في أجزاء مختلفة من العالم. وبذلك، تخلق حوارًا للأفكار عبر المكان والزمان. كما تلاحظ كيف أثرت حوادث القرن التاسع عشر في كيفية خلق عوالم جديدة في الحركات الأناركية اليوم. &

يعرض الكتاب مقدمة شاملة من الجداول والسير والتعريفات، كما يساهم بالتعريف الواسع للتاريخ الأناركي، ويقدم تحليلًا حديثًا يتضمن نظريات التقاطع (تحليل أشكال الاضطهاد المتعددة والمتشابكة)، والحركة النسائية، والحوادث التي وقعت في نيو أورليانز بعد إعصار كاترينا، والتنظيم الثوري الذي يحدث في روجافا الكردية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير المنشور في جريدة الـ "غارديان".