تؤرخ سيسيليا واتسون لعلامة وقف مثيرة للجدل ويساء فهمها كثيرًا، هي القاطعة أو الفاصلة المنقوطة، بأسوب شبه تحقيقي ومقارن.

"إيلاف" من بيروت: "قاطعة: ماضي، حاضر ومستقبل علامة وقف أسيء فهمها" Semicolon: The Past, Present, and Future of a Misunderstood Mark (224 صفحة، منشورات إيكو) كتاب ظريف، تتحدّث فيه مؤلفته سيسيليا واتسون عن علامة الوقف هذه (؛) التي يخاف كثيرون إدخالها في جملهم في مختلف اللغات.

واتسون مؤرخة للقواعد اللغوية أكثر مما هي عالمة بالنحو والصرف، وكتابها هذا هو بحث في غرائب تطوّر علامات الوقف أكثر مما هو دليل للكتابة. ويفاجىء تأريخ واتسون لعلامات الوقف القراء بالجاذبية التي يتضمّنها. فأصل القاطعة، وفقًا لمضمون الكتاب، واضح ومحدّد.&

بين الفاصلة والنقطتين

تم ابتكار القاطعة للدلالة على وقفة في وسط الكلام، لتلعب دورًا بين الفاصلة والنقطتين بالنسبة إلى طول الجملة، في مدينة البندقية في عام 1494. وكان في تلك الفترة من الصعب التمييز بين المكان الملائم للقاطعة، مرادفة واو العطف في اللغة اللاتينية.

بدأت القاطعة تلعب دورها في المكان الذي كان يريده الكتّاب. وبدأ الجدل حول دورها عندما بدأ علماء النحو والصرف بابتكار قواعد الكتابة باللغة الإنكليزية في منتصف القرن الثامن عشر.

في فرضية واتسون، لابتكار القاطعة دور أساسي، إذ تذكّرنا الكاتبة بأن القاطعة لم ترث وظيفتها، بل ابتكر علماء النحو تركيبات أكثر تعقيدًا بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وكان هدفهم من هذه العملية أن يجعلوا اللغة علميّة وصالحة للدراسة من قبل التلاميذ.&

ضرورة القواعد

انتقد العلماء في النحو بحريّةٍ كل من شيكسبير ودون وبوب وسويفت وملتون ونعتوهم بأهم أسوأ المعتدين على تركيبة الجمل في اللغة الإنكليزية في ذلك الوقت، وربطوا بهم الفشل في قواعد اللغة. فهؤلاء العلماء كانوا يسعون إلى بناء لغة مبنيّة على سلسلة من القواعد ليتم تعلّمها بسهولةٍ، من دون الحاجة إلى معلومات معقّدة أو ذكاء حاد أو أسلوب ذاتي مميّز.

تقرّر أنه يجب أن يكون للقاطعة قواعد، لكن ما أن تقرّر إرساء تلك القواعد حتى بدأ تطبيقها يثير الفوضى. لفتت واتسون النظر إلى قضيتين قضائيتين في الولايات المتحدة الأميركية، اختلفت نتيجتهما كليًا بسبب قراءة القاطعة في الجملة بطريقةٍ غير صحيحة، فجاءت نتيجة القضية الاولى كوميدية بينما سبّب الخطأ في قراءة القاطعة ضمن القضية الثانية نتيجةً مأساويةً.

نظرة واتسون الثاقبة توضح التباين بين القواعد التي تم وضعها وتعامل المنظومة القانونية معها. فبينما كان ينادي علماء النحو بأن هدفهم هو أن يكونوا منصفين، وجد القضاء في هذه الخطوة تعقيدًا بدلًا من الدقّة المطلوبة. أما واتسون فتقول إن ابتكار القاطعة هو أقل تشددًا من الاقتراحات التي وضعت لسائر القواعد القديمة والحديثة، وجمالها لا يكمن في صرامتها، بل في ليونتها. & &

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيويورك جورنال اوف بوكس". الأصل منشور على الرابط:
https://www.nyjournalofbooks.com/book-review/semicolon