نهى احمد من سان خوسيه: حسب اخر البيانات التي قدمتها الحكومة في غواتيمالا ارتفعت حصيلة الفيضانات وانزلاق التربة جراء العاصفة الاستوائية اغاتا الى 170 قتيلا، بعد اسبوع ونيف على مرور اول عاصفة استوائية في موسم الاعاصير في اميريكا الوسطى، بحسب ما اعلنته اجهزة الطوارئ في الامس، التي اشارت ايضا الى فقدان عدد من الاشخاص وجرح ما لا يقل عن 150، كما اكدت على ابقائها على الانذار الاحمر معلنة في البلاد رغم تراجع هطول الامطار.


ولقد سببت الفيضانات تشريد اكثر من 300 الف شخص، كما احدثت اضرارا جسيمة لا يمكن لبلد فقير مثل غواتيمالا تحملها، والكارثة الكبرى التي تريد الحكومة معالجتها هي احداث الفيضانات والسيول حفرا عميقة كالحفرة التي حدثت في العاصمة بلغ عمقها 30 مترا وقطرها 20 متر انهار على اساسها مبنى من ثلاث طبقات ويهدد المباني المجاورة في الانهيار بعد ان اصيبت بتصدع. ونفس العاصفة ضربت هندوراس والسلفادور وادت الى مقتل اكثر من 40 شخصا.
ولقد حذرت السلطات الغواتيمالية من أن الأضرار الناجمة عن العاصفة الاستوائية أغاثا يمكن أن تتجاوز تلك الناجمة عن إعصار ميتش في عام 1998، أو العاصفة الاستوائية ستان التي ضربت أميريكا الوسطى قبل سبع سنوات، حيث قتلت الاولى في غواتيمالا 834 قتيلا وما مجموعه 19 الف قتيلا من كامل المنطقة معظمهم في نيكاراغوا وهندوراس. كما وصل عدد ضحايا العاصفة الثانية الى حوالي العشرة الاف قتيلا.


لكن لماذا تكرار هذه الاعاصير وما سبب كثرة القتلى؟
قد يكون الرد على ذلك في تقرير قدمه سالفانو بريسينو، مدير الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة لكنه لقي انتقادات كثيرة. حيث قال ان الكوارث الطبيعية لم تفعل شيئا، فهي تحدث بشكل طبيعي ولكن النمو السكاني الذي نشهده يحدث في المناطق المعرضة للخطر اكثر من غيرها، لكن بالطبع يلعب دورا كبيرا عدم اعطاء الاولوية لجهود الوقاية والتوعية.


وحسب المعلومات التي ذكرها التقرير فان بناء البيوت والاكواخ يتم على ضفاف الانهار وسفوح التلال التي تتعرض على نحو متزايد للانهيارات الارضية والانهيارات الطينية الناجمة عن إزالة الغابات، وهذا يمكن وصفه بانه احد اهم المسببات لتفاقم تبعات الكوارث الطبيعية، فمع ازالة الغابات تتعرى التربة ويصبح جرفها سهلا. لكن وللاسف ليس امام سكان هذه المناطق الذين يعانون من الفقر المدقع خيار اخر للانتقال الى مناطق اكثر امنا، ما يضطرهم لمواصلة العيش هناك، لذا فلا عجب أن يشدد آخر تقرير عن التقييم العالمي للحد من مخاطر الكوارث، الذي نشرته الأمم المتحدة والبنك الدولي على أن معظم المجتمعات المحرومة تتحمل الحصة الاكبر من الخسائر.


كما ذكر سالفانو بريسينو ان الأسر الفقيرة تميل إلى أن تكون أقل استجابة لاجراءات الوقاية، quot;لأنها تفتقر إلى القدرة على التعبئة أو الوصول إلى الاصول اللازمة للحد من الخسائر ونادرا ما يغطيها التأمين أو نظم الحماية الاجتماعية في بلادها. وهذا يؤدي في حالات كتلك التي وقعت في الاونة الاخيرة بعد مرور العاصفة الاستوائية اغاثا في السلفادور وغواتيمالا وهندوراس الى فداحة الخسائر. اضافة الى ذلك تعمل حكومات على اجلاء سكان المناطق المنكوبة من المناطق المعرضة لخطر عال مثل بركان سان سلفادور، في العاصمة، لكنهم يرفضون الاجلاء خوفا من تخريب أو نهب منازلهم التي لا يملكون سواها.


وهنا تتفاقم المشكلة المركزية، لأن ما يحدث في الأسر والمجتمعات المحلية يلعب أيضا دورا على المستوى الوطني، لذا يعترف سالفانو بريسينو بأن البلدان الفقيرة تجد صعوبة فى التكيف مع الآثار المترتبة على نقاط ضعفها، فمنذ اعاصير ميتش الماساوية وحتى الان وحكومات أميريكا الوسطى quot;تفعل شيئاquot; في محاولة للحد من الأثار السلبية لهذه الكوارث الطبيعية، لكن من دون فائدة، خاصة عند وقوع الكوارث في وقت مفاجئ ومن دون انذار مسبق لعدم وجود وسائل انذار مسبقة، لذا يمكن القول ان المشكلة بكمت بكل بساطة في الجهود غير الكافية، وليس في عدم وجود المال الكافي. فعلى سبيل المثال تميل الحكومات في اميريكا الوسطى الى عدم إعطاء الأولوية لمواجهة حالات الطوارئ بدلا من الحد من المخاطر، وقلة الانفاق على قضايا مهمة مثل استخدام الأراضي أو إدارة النظم الايكولوجية بدلا من ازالة الغابات والسمباح بالبناء في اماكن تربتها تتعرض لخطر الانجراف.