صورة للساعة الرقمية في برج التحكم الآلى بالطاقة الكويتي

تتراوح الإجتهادات والتفسيرات في الداخل الكويتي حول الإرتفاع الحاد في درجات حرارة الطقس، فرغم أن الطقس الحار هو سمة الصيف الكويتي منذ قديم الزمان، إلا أن درجات الحرارة هذا العام قد فاقت التوقعات وظلت بعيدة عن منطقة معدلها السنوي، وسط تفسيرات وإنطباعات شتى.

لا يزال مبنى برج التحكم الآلي للطاقة الكهربائية في العاصمة الكويتية، المثبت أعلاه ساعة رقمية تظهر درجة الحرارة في الكويت، إضافة الى مؤشر للأحمال الكهربائية، يجهد نفسه في توفير المعلومة عن درجة الحرارة في الداخل الكويتي، لمن يريدها من المارين أمامه، إلا أنه مهما إرتفعت درجة الحرارة فإن الساعة الرقمية لا يمكن أن تظهر درجة حرارة أكثر من خمسين مئوية، وهي أرقام تدفع جهات غير رسمية الى التشكيك بمصداقية ساعة برج التحكم، وإعطاء إيحاءات بأن السلطات المحلية المسؤولة عن الطاقة في الإمارة الخليجية الثرية بالبترول، لا تعطي أرقاما دقيقة حول درجات الحرارة، وأنها في الواقع أعلى بكثير من الأرقام المسجلة يوميا، خصوصا وأن القوانين الكويتية تشير الى أن بلوغ درجة الحرارة المئوية خمسين فما فوق، يعني مباشرة حصول العامل على إجازة مدفوعة الأجر، علما أن درجة الحرارة خلال أشهر الصيف في الكويت لا تقل عن هذه الدرجة، وهو ما يعني شللا لمرافق الدولة، والإقتصاد المحلي.

الشهر الماضي إضطرت السلطات المحلية لنحو ساعة أو أكثر قليلا إلى تثبيت رقم 50 كدرجة حرارة سجلت رسميا في البلاد، فيما قالت جهات غير رسمية وقتذاك إن درجات الحرارة في تلك اللحظات كانت فوق ال 60 مئوية، وهي أرقام أعلى بكثير من معدلها السنوي في مثل هذا اليوم من السنوات السابقة، وهو وضع زادت معه أعباء الأحمال الكهربائية، الأمر الذي أدى الى حدوث إنقطاعات متعددة للتيار الكهربائي، وهو وضع بررته الحكومة الكويتية على لسان وزير الكهرباء والماء بدر الشريعان بأنه ناجم عن إرتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة، خصوصا وأن بلاده تعاني أساسا مشكلة صيفية بامتياز بسبب فقر الكويت كهربائيا، وسط مشاريع سيكشف النقاب عنها قريبا ضمن خطة تنمية البلاد لإنشاء مشاريع محطات لتوليد الكهرباء، للقضاء على المشكلة نهائيا.

ولا يعزى سبب محدد حتى الآن للإنفلات في درجات الحرارة الى الأعلى، لكن الأسباب المتداولة تشير الى أن التحولات المناخية المرصودة خلال السنوات القليلة المقبلة، باتت تؤثرفي المنطقة بشكل مباشر في إشارة الى ظاهرة الإحتباس الحراري التي تزيد من درجات الحرارة، وسط إنطباعات بأن هذه التحولات تأتي مصاحبة لحقيقة أن بلدا كالكويت هو ذو مناخ قاس أساسا، فدرجات الحرارة العالية هي السمة الأبرز لأشهر الصيف الكويتي، حيث تعمل أحيانا موجات قوية من الغبار والرطوبة الى تخفيض درجات الحرارة، لكن البعض يرى أخطارا صحية أيضا للرطوبة والغبار، تصل أحيانا الى شل حركة الملاحة الجوية والبحرية، ومفاقمة مضاعفات صحية عند مرضى الربو وعددهم ليس بقليل وفقا للسجلات الطبية في الكويت.

وعن أسباب إرتفاع درجات الحرارة في الكويت وبلوغها الخمسين وتجاوزها هذا الرقم في بعض الأحيان يفسر العالم الفلكي الكويتي صالح العجيري ذلك بأن شمالي الهند يصدر منخفضا جويا يمر على شمالي الهند، ثم يحاذي بحر قزوين، بعد ذلك يمر على صحراء ملحية شمالي ايران، ثم يصطدم بالهضبة الايرانية (جبال زاغروس)، موضحاً انه لو فرضنا ان درجة الحرارة في شمالي الهند 35 درجة فهي اذا وصلت الهضبة وأرادت ان تتخطاها فان الهواء اذا صعد يبرد فتصبح درجة الحرارة 25 لكن الهواء اذا نزل الى منطقتنا فان نزول الهواء يجعله يسخن بصورة مضاعفة تسمى (التسخين الذاتي) وعليه 25 + 25 = 50 درجة أي أننا نقع في مصب التسعير، مصب الحرارة.

وفي آراء منشورة للعالم الفلكي الكويتي الذي تحترم أبحاثه ودراساته الفلكية بشدة داخل الكويت، وفي المنطقة الخليجية عموما، يقول حول عدم تسجيل حالات وفيات في حال تجاوزت درجة الحرارة 50 فما فوق أن السر في ذلك يكمن في أنه من المعلوم أن الجفاف يرفع درجة الحرارة، لكنه يلطف الجسم قليلاً.

أما الرطوبة فتخفض درجة الحرارة، إلا أن الجسم يشعر معها بالسأم والضيق والملل، ضاربا مثل عرب البادية الذين كانوا يرتدون الملابس الصوفية والفرو في شدة الحر في الصحراء، لعلمهم انه اذا عرقت أجسامهم ثم أصابها الهواء الجاف فإن العرق يتبخر، ويأخذ معه الحرارة فيشعرون بالراحة.