عبد الله بن إبراهيم الكعيد


شتّان ما بين موقف الشارع العربي أثناء أحداث غزو الكويت 1990م حيث المزاج المُحبط للجماهير العربية آنذاك لما ستؤول إليه، وبين موقفها اليوم من "عاصفة الحزم" التي فاجأت حتى أكثر المتشائمين بإمكانية توحيد المواقف العربية تجاه ما يهددها من أخطار وإذا بحساباتهم تنقلب رأساً على عقب وهم يرون ذلك الإجماع غير المسبوق المؤيد لصد الأطماع الفارسية وإعادة الشرعية المتمثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

المزاج العربي عام 1990 غيره تماماً عام 2015 ولعل من عايش الأحداث آنذاك يذكر كيف كان المواطن العربي في حالة إحباط وارتباك وهو يرى الأمّة العربية في انشطار حاد بين مؤيد لغزو دولة ذات سيادة لها حكومتها الشرعية وبين رافض مستنكر لهذا الفعل الذي يشرعن حل الخلافات بقوة السلاح والاستهتار بالمواثيق والأعراف الدولية ويعيد مفاهيم الغزو والاحتلال المرفوضة من كل الأمم المتحضرة المتمدنة.

السؤال: ما الذي تغير رغم تشابه الحدثين عام 1990 وعام 2015م؟

هناك عوامل عدّة أحدثت هذا التبدّل في موقف الشارع العربي يطول شرحها بما لا تسمح به المساحة المتاحة لي ولكنني سأركّز على أمر جوهري ربما يوضّح سبب التأييد شبه المُطلق لقرار قيادة بلادنا إطلاق "عاصفة الحزم" لإنقاذ اليمن استجابة لنداء الرئيس بطلب النجدة من دول الخليج بعد أن اقتربت سفينة بلاده من الغرق.

في حالة الكويت عام 90 كان الغازي المعتدي على الشرعية شقيق عربي اعتقد البعض بأنه سيستجيب لنداءات العقل ويحفظ حُرمة الجوار وينسحب خلال أيام بعد أن يُناور سعياً لتحقيق انتصار في مفاوضاته القادمة لهذا وقف الشارع في حيرة كمن هو ما بين المطرقة والسندان حتى حدث ما حدث وتم إخراج الغازي بالقوة بعد أن تفرّق العالم العربي وبدأ العد التنازلي لهوانه وبالتالي تمزّق بلدانه وهو ما يحدث اليوم.

لكن في حالة اليمن أدرك العرب صغيرهم قبل كبيرهم أن الحكاية ليست فقط في استيلاء عصابة (يدّعي قادتها بأنهم حزب سياسي) على السلطة الشرعية بل مشروع شيطاني لتطويق العالم العربي من قبل الفرس باستخدامهم خونة من بعض العرب الموالين لهم مذهبياً سواء في العراق أو سورية أو لبنان والآن في اليمن الخاصرة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية ومن ثم السيطرة على العرب كافة وبسط نفوذ الفرس على كامل التراب العربي.

من هنا وقف الشارع العربي تأييداً للموقف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بل وتسابقت الدول الإسلامية للمشاركة الميدانية في عاصفة الحزم لترمم المزاج العربي الذي عادت معه ثقة العرب بأنفسهم وقدراتهم.
&