quot;الحق لايعرف بالرجال وانما الرجال يعرفون بالحق
اعرف الحق تعرف اهله قلوا ام كثرواquot;
الامام علي ابن ابي طالب (رض)

من اجل ان يكون الوجود الامريكي شرعي كانت الانتخابات التي جرت عام 2005، المهمة الاولى للرئيس الامريكي بوش. وقد كشف بريمر (رأس الاحتلال في العراق) في مذكراته، بانه مخرج مسرحية الانتخابات، ونقل السيادة الى العراقيين. وذكر حولها تفاصيل مثيرة جرت خلف الابواب المغلقة بينه وبين حركات الاسلام السياسي الموالية لايران، تحت ضغط نيران المقاومة المسلحة.

وما غذى نيران المقاومة ليس فقط حملات الاجتثاث وتصفية المجتمع العراقي من البعثيين وفكرهم، والذي شمل ايضاكل معارضي الاحتلال، على غرار ما قام به الحلفاء عقب الحرب العالمية الثانية، بأجتثاث النازية من المجتمع الالماني، بل لقيان الاحتلال بتدميرالبنية التحتية للدولة العراقية والمجتمع العراقي، واستباحة ارواح الناس واملاكهم واعراضهم وتهجيرهم، وفقا لاستراتيجية الفوضى الخلاقة، حسب تصريح quot;كوندوليزا رايسquot; في حديث لها أدلت به إلى صحيفة quot;الواشنطن بوستquot; الأمريكية في شهر نيسان 2005.

والتدمير الشامل قاعدة ماكيافللية تدعو الغزاة بان السبيل الاسلم لمنع الاهالي من المقاومة بعد الغزو، القيام بتخريب مدنهم وهدمها، فيقول ماكيافللي لن يستطيع الناس نسيان اسم مدينتهم او اعرافها، الا اذا تم تمزيقهم شر تمزيق، وتفريقهم في كل صقيع.


وهذه القاعدة الماكيافللية كان يفعلها الرومان في البلدان التي احتلوها، وهو بالضبط ما فعله الامريكان المعجبين بالرومان، بالعراق، وافغانستان وفلسطين وفي كل حروبهم العدوانية عبر العالم، باسم الحرية والدفاع عن حقوق المستضعفين المضطهدين، من قبل الانظمة الفاسدة ودكتاتوريات الشرق الاوسط، مستغلين البريق الاديولوجي للحرب على الارهاب في سنواتها الاولى. وهدف الامريكان من وراء ذلك الاستخدام، لتكون الحرب على الارهاب، عامل توحيد عالمي، في مواجهة اي منافسة دولية لقيادة الولايات المتحدة للنظام العالمي.


وقد وظفت الولايات المتحدة دعمها لحركات الاسلام السياسي لاستخدامها في علاقاتها مع الاطراف الاقليمية والدولية بما يخدم اهداف ومصالح سياسة الولايات المتحدة الخارجية، كما هو الحال في العراق، وقبلها في افغانستان في تصفية الشيوعية. واصبحت هذه الحركات تنفذ عملياتها الارهابية، داخل المجتمعات الاسلامية وخصوصا في جبهة القتال في العراق، بدلا من الاراضي الامريكية والاوربية.


يقول ستيف اندريسين المدير السابق لسياسة الدفاع والحد من التسلح في مجلس الامن القومي الاميركي في الفترة من 1993 الى 2001. وستيف سايمون الباحث البارز في دراسات الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: quot; ان امن العالم المتحضر يعتمد على الانتصار في الحرب على الارهاب التي تعتمد بدورها على الانتصار في العراق واننا اذا تخلينا عن القتال في شوارع بغداد فاننا سنواجه الارهابيين في شوارع مدننا.quot;

ويستشهد المالكي في مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد احداث يوم الثلاثاء الدامي (مفتخرا) باراء الخبراء في مراكز البحوث الغربية، بان العراق اصبح نموذجاً لمحاربة الإرهابيين؟ ويكشف هذا الاعتراف طبيعة العلاقة بين قوات الاحتلال وحكومة المالكي (واسلافها) الموبؤئة بالطائفية والفساد وجرائم الحرب الموثقة بتقارير المنظمات الدولية؟
لذلك باتت الانتخابات والاجتثاث، الجهد الاساسي لهذه لحكومة، وتحولت الى موضوعا للمساجلة في الشارع العراقي بين فريقيين: فريق حكومة المالكي واحزاب الاسلام السياسي. ويرى هذا الفريق وجوب خضوع قوائم الترشيح لانتخابات 2010 للاجتثاث بشكل مطلق دون تميز بين البعثي والصدامي.

ويتحدث هذا الفريق باصرار على اجتثاث منافسيه في العملية السياسية قبل الانتخابات متحديا الجميع، بما فيهم الولايات المتحدة. غير مبالي بما سيتولد عن حملة الاجتثاث من نتائج! فهل تخلى هذا الفريق عن الامريكان بعد استدراجهم الى العراق بالتنسيق مع ايران؟ وهل سيعود شعار (الموت لامريكا)، بدلا من شعار (امريكا المنقذة)؟

اما الفريق الثاني، وهم حلفاء الفريق الاول في العملية السياسية (الراقصة) حسب تعبير بريمر، فيرى ضرورة التمييز بين البعثي والصدامي، وان تقتصر حملة الاجتثاث لقوائم المرشحين للانتخابات القادمة على الصداميين فقط.

ويحظى هذا الرأي بالتاييد الامريكي، بعد ان اصبح الاجتثاث اقل فائدة واكثر نفقة لموارد الولايات المتحدة المالية والبشرية، والاكثر من ذلك، فقدانها لمصداقيتها الاخلاقية، التي تحطمت في مستنقع العراق، وانهارت مع تدمير العراق وتمزيقه.
ولتزامن قرار الاجتثاث مع زيارة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، اتهم منافسي حكومة المالكي المشمولين بقائمة الاجتثاث، بان الهدف من اجتثاثهم جاء بايعاز من ايران لاسباب طائفية من اجل التصفية السياسية للعرب السنة في العراق.


ان الانتخابات النيابية القادمة ستكون حاسمة، وستغيير وجه الخريطة السياسية في العراق، وتحمل امل كنس حلفاء الاحتلال من السلطة بعد ان كشفت الجماهير الانتخابية تضليلهم بتسمية احتلال بلادهم تحريرا، رغم انه احتلالا غير شرعياً بقرار من مجلس الأمن؟ واعتبار المقاومة العراقية اعمال ارهابية، رغم انها دفاعا مشروعا عن النفس ضد الغزاة اللصوص.


فالمقاومة ضد الاحتلال واجب ديني (و فرض عين) على كل مسلم ذكر أو أنثى دون أذن من أي ولي أمر، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والمقاومة حق شرعي للشعوب للدفاع عن نفسها ضد الاحتلال بموجب القانون الدولي. ولا يختلف مع الواجب الشرعي والقانوني إلا الضالون المضلون لاخفاء بؤسس سياستهم، وتعاونهم المشين مع الاحتلال واعتباره مجرد اجتهاد.


ان الجماهير العراقية الانتخابية مدعوة في الانتخابات القادمة الى تنظيف عقيدتها الدينية من اوساخ التعاون مع الاحتلال وحرفها عن نهج الامام علي الذي كتب الى قيصر الروم عندما حرك جيوشه على بلاد المسلمين منتهزا فرصة الخلاف بينه وبين معاوية: ldquo;لا يغرنك الذي بيني وبين معاوية، فوالله لو حدثتك نفسك بالغزو لأسيرن إليك تحت راية صاحبي هذاrdquo;؟ فهل يليق باقزام المنطقة الخضراء بالانتماء الى عمالقة العرب والمسلمين!!


لقد ادت انتخابات 2005 الى وقوف الجماهير الانتخابية في خندق واحد مع الاحتلال ضد بلادهم، وقد تسبب هذا الموقف الى حرقهم في نار الارهاب التي تنفذها فرق الموت التي يديرها الاحتلال، للاساءة الى المقاومة. فهل ستصلح الجماهير الانتخابية موقفها في انتخابات 2010 القادمة، وتثأر من حلفاء الاحتلال الذين مرغوا عقيدة ال البيت الطاهر بالوحل، وتقذفهم في مزبلة التأريخ؟؟

باحثة في جمعية الحقوقيين العراقيين-بريطانيا