المراقب للحوار الجاري ألان في الشارع العراقي سواء كان في وسائل الإعلام المختلفة الاتجاه الصديقة والحليفة والمعارضة أو في المجالس العامة والخاصة تبعث على الارتياح والترقب مع اقتراب يوم الاقتراع في صناديق الانتخابات، ملايين من البشر ممن حرموا هذا الحق منذ سنوات وسنوات يصطفون اليوم أسرابا لكي يدلوا بورقة الحياة الجديدة في العراق فالكل يريد خلق أجواء الصفو لوضع حجر الأساس البنية السياسية الجديدة، وهذه التباشير مهما ارتفعت الأصوات من تخويف وتهديد فإنها بالتأكيد ماضية باتجاه تثبيت ركائز الاختيار بعد خيبة أمل كبيرة يراها الناس بأنها انكسار لإرادة الاختيار وتهميش لسعي المجتمع بخلق قيادة برلمانية تستجيب لتطلعات العراقيين الصابرين.


أربعة سنوات هي عمر الدورة الانتخابية الماضية، سنوات كما يقال عنها بالرأي العراقي الشعبي quot; الموت الحمر quot; من الاوعاج والآلام بدون المسرات التي كانت عبارة عن وعود سطرت فوق ورق مهاجر، مليارات الدولارات هدرت والناس بدون كهرباء وماء، وظائف quot; بالواسطة quot; وأرباح خيالية من ثروة منهوبة للساسة والأعيان، في وطن تهرب منه حتى طيور النورس، لذلك فان رياح التغيير باتت مطلب العراقيين لتغيير مفاسد مفضوحة وتلكؤ مبيت وفشل مستحكم لسدنة التراجع عن تنفيذ الوعود بتوفير حياة حرة كريمة للمواطن العراقي فقد أدرك شعبنا أننا إمام فرصة تاريخية للإطاحة بالمزيفين والتقدم صوب منعطفات الرجاء عالم النور والتنوير وبناء عراق دولة المدنية والحياة النيابية الدستوريةquot;.


والاهم من كل ذلك أن العراقيين اليوم باتوا يدركون جيدا إلى ما وصلت إليه الأمور من علل وإمراض بسبب ثقتهم السابقة بالشعارات الزائفة خاصة من الذين جاءوا بعد سقوط النظام السابق والدليل فشل الكثير منهم في تنظيم الوضع المأساوي لبغداد وانتشالها من الفوضى خاصة بعد أن نصب احد المجهولين quot; الزبيدي quot; واليا على بغداد آنذاك لتستمر اللعبة لكثير ممن الساسة مجهولي الهوية والانتماء، وبالطبع نحن لا نضع الجميع في سلة واحدة، بل منهم المخلص والوطني الذي أثرى الابتعاد والترقب، ومنهم من تحمل الغربة والإقصاء في أوطان ودول مختلفة، لكن اليوم يجب على العراقي أن يدرك جيدا أن جراح الوطن لا تضمد إلا بمضاد العراقي الذي صبر وعانى وبقي ملازما لشعبه المهموم في تلك الحقبة العسيرة لنظام الدكتاتور، حينما كان القائد الأوحد يدس انفه في كل حياتنا ويتصرف بزمان العراق ومكانه مثلما يتصرف بولادة الإنسان العراقي ومماته كأنه إله من آلهة الأرض، بما يحقق له سيطرته السياسية والحزبية على كل الأشياء، متحكما بها تحكما نهائي، كان يتصرف بمزاج الإقصاء والحرب على الإنسان الذي لا يشرق وجهه إلا برؤية القلوب الدامية أوحين يرى بسطاء الناس ينوءون بعبء جبروته.


هنا كانت الإنسانية تندحر وكان في العراق ممن حمل بجسده وفكره صراع البقاء أمام كاسحة الموت، هم اليوم مرشحونا وعلى كل عراقي أن يرفع أصبعه الملون لهؤلاء، وهم أصواتنا لأنهم كانوا الأوفياء لأنه ابن الوطن الحقيقي، فالبطل هو من يعي أن مصير الجسد هو الموت، والمريض يحمل في جسده علامات الموت، وهو بذلك يحض المجتمع على عدم تجاهل هذه الحقيقة والعمل على أساسها، وهكذا فحب البقاء ليس مسألة طبية فحسب إنما أيضاً مسألة اجتماعية.