احدث إعلان مصعب حسن يوسف، ابن احد مؤسسي حماس الذي يقبع حاليا في احد السجون الإسرائيلية، عن عمله كمخبر لجهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي quot;شين باتquot; صدمة كبرى داخل الحركة. ادعى أسامة حمدان من بيروت بان ما نشرته quot;هاراتسquot; هو محاولة تغطية إسرائيلية على تورط الموساد في اغتيال القائد الحمساوي المبحوح في دبي. و هذا بطبيعة الحال استخفاف كبير بعقل المواطن العربي. صحيفة quot;هاراتسquot; تعمل بمهنية كبيرة، و هي صحيفة ناقدة لمعظم المواقف الرسمية، و من هنا فليس من المتوقع إطلاقا أن تتورط في محاولة تغطية على مواقف رسمية قد تنسف مصداقيتها لدى القراء. و ما كان الصحفي quot;أفي ايساشاروفquot; (Avi Issacharoff) ليضيع وقته لتقديم قصة فاقدة للمصداقية من الأساس، و هو الذي سبق له أن فجر خبر تنصر مصعب حسن يوسف عام 2008، الخبر الذي كذبته حماس في حينه، بينما اعترفت بها عائلة المعني بالأمر.


أماطت المقابلة مع مصعب حسن يوسف التي نشرتها quot;هاراتس ماجازينquot; في نسختها الانجليزية الصادرة يوم الجمعة 26 فبراير، اللثام عن الغموض الذي مازال يحيط بدواعي عمالة quot;ابن حماسquot; للاستخبارات الإسرائيلية. و يبدو من الوهلة الأولى أن تنصره قد يكون احد أهم العوامل. في مقابلاته مع quot;فوكس نيوزquot; و قناة الحياة، المنشورة على quot;اليوتوب،quot; كرر مصعب مرارا أن ما قراه في العهد الجديد quot;أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكمquot; كان له وقع كبير على قبوله للمسيح. و ربما عززت مبادئ التسامح و اللاعنف المسيحية النزعة لدى هذا الشاب للقيام بما يمكن عمله لإنقاذ الأرواح البشرية بتسريبه لمعلومات عن عمليات انتحارية خططت لها حماس. لكن تنصر مصعب حسن يوسف لا يمكن أن يكون الأساس في قراره للعمل مع quot;شين باتquot; لان اعتناق المسيحية حصل سنوات بعد انخراطه في هذا العمل. و يتأكد هذا بما ورد في مقابلته مع quot;هاراتس ماجازينquot; إذ صرح مصعب بان نيته عندما قبل عرض quot;شين باتquot; كانت quot;العمل كعميل مزدوج للثار لما تعرض له في السجن...quot;


في المقابل، يبدو أن المعاملة القاسية لحماس التي وصلت حسب ما صرح به مصعب إلى تعذيب أتباعها القابعين في السجون الإسرائيلية قد أثرت في شخصه، مما أدى به للقطيعة معها أولا و العمل على إفشال عملها المسلح ثانيا، و ترك عقيدتها في مرحلة ثالثة. و بالمناسبة من المهم التنويه أن مصعب حسن يوسف قد جاهر بما قام به و لم يكن مضطرا للقيام بذلك. و هو يعتبر ما قام به عملا إنسانيا - لا خيانة - لإنقاذ الأرواح البشرية. و خير مثال على ذلك إنقاذ حياة والده الذي يقبع حاليا في احد السجون الإسرائيلية، و لولا عمل ابنه مع quot;شين باتquot; لكان قد قتل. و تحديد الخيانة في بعض المسائل ليس بالأمر الهين. اثر إلقاء الزعيم التونسي لخطابه الشهير في مخيم أريحا عام 1965 الذي طالب فيه بقبول الشرعية الدولية لتقسيم فلسطين، تم اعتباره هو الآخر عميلا quot;لليهود و الأمريكان،quot; لكن قليلون هم الفلسطينيون الذين مازالوا على نفس الموقف إلى هذا اليوم.


و الأكيد إن التمرد المسلح لحركة حماس على السلطة الشرعية في قطاع غزة في يونيو 2007 قد عزز قناعات مصعب حسن يوسف، الذي أشار أكثر من مرة في مقابلاته إلى الجرائم الحمساوية بما في ذلك quot;قذف المواطنين الفلسطينيين من الطوابق 15 و 17 quot; و هي جرائم شاهدها الجميع على شاشات التلفزيون، و التي سوف تبقى وصمة عار على جبين هذه الحركة التي استعملت الدين كوسيلة لقضاء مآرب سياسية، شانها في ذلك شان الحركة الأم للإخوان المسلمين في مصر و من هم على شاكلتها في باقي الدول العربية و الإسلامية.


[email protected]