اسبوع واحد يفصل بين موافقة quot;اللجنة الوزارية لمتابعة مبادرة السلام العربيةquot; في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في القاهرة، ورفضها لعملية خداع مكشوفة تهدف إلى منح جهود الوساطة الأمريكية فرصة أخرى لإعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ولكن هذه المرة بشكل غير مباشر على الرغم من أن الرئيس الأمريكي نفسه اعترف بالإخفاق في هذا الملف، وإسرائيل ردت على هذه الخطوة بإعلانها بناء الف وستمئة مستوطنة في القدس، وقبلها اجتياح المسجد الأقصى وإطلاق الرصاص الحي على المصلين كرد عملي على اعلان العرب الموافقة على محادثات غير مباشرة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل.
الغريب أن هذا القرار صدر من لجنة معنية بالترويج للمبادرة العربية وليس بإدارة عملية التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والجهة التي يحق لها التفاوض وهي السلطة الفلسطينية لم تعد تملك شرعية التحدث باسم الفلسطينيين لان صلاحياتها انتهت بانتهاء فترة ولاية عباس قبل نحو عام ووسيط السلام الأمريكي جورج ميتشل فشل على مدى عام في زحزحة الموقف.
السلطة الفلسطينية لم يكن ليس لديها شيء تعرضه على نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الذي اعلن عن دعم امريكي مطلق لأمن اسرائيل وجورج ميتشل الذي يحاول معرفة شكل المفاوضات غير المباشرة ومدى استعداد الفلسطينيين والإسرائيليين للانخراط في هذه المفاوضات التي حددت لها الجامعة العربية سقفا زمنيا لأربعة اشهر، وقالت هي فترة يحتاج إليها العرب لإعادة ترتيب الأوراق على حد تعبير الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ولا ادري أي أوراق في يد العرب يريدون ترتيبها، بعد ان ردت اسرائيل على هذا القرار، والذي كنت اخشى أن يكون استمرارا للحلقة المفرغة التي لا تفضي الى شيء.
قد يشعر البعض من اللهجة التي صيغ بها القرار أن العرب عازمون هذه المرة على فعل شيء خاصة وإنهم هددوا في حال الفشل بالتحرك على المستوى الدولي، ونقل ملف الصراع من الوسيط الأمريكي إلى الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن الدولي، والذي في اعتقادي انه لن يفعل شيئا لإسرائيل التي دأبت على تحدي قراراته على مدى أكثر من ستين عاما هي عمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.الموقف الإسرائيلي من قرار مجلس الجامعة العربية اختلف هذه المرة فقد رحب نتنياهو بالقرار وقال المتحدث باسم الحكومة أن حكومته تؤيد استمرار مفاوضات السلام وهو كلام لا يعكس جدية إسرائيل التي يحاول الاستفادة من عامل الوقت في تنفيذ مخططاتها في ضم الآثار الإسلامية إلى تراثها ومواصلة تهويد القدس وبناء مزيد من المستوطنات واستكمال بناء الجدار العازل وهي خطوات تراها إسرائيل ضرورية لترسيخ يهوديتها وفرض الآمر الواقع على العالم. ستظل إذن الشكوك العميقة تجاه النوايا الإسرائيلية ومواقف المراوغة والتهرب من استحقاقات السلام.
والحقيقة إن العرب يمتلكون أوراقا كثيرة في الصراع مع إسرائيل تخلوا عنها بعد ما صدقوا أن الولايات المتحدة وسيط نزيه لحل القضية الفلسطينية صدق العرب لأنهم يريدون ذلك اعتقادا منهم أن تسعة وتسعين بالمئة من الحل بيد الولايات المتحدة وأراحوا أنفسهم من الصداع المزمن وركنوا إلى شعار أن السلام خيار استراتيجي وهو الخيار الذي لم ينجح في إرجاع الحقوق العربية ولم يقنع إسرائيل بقبول أي تسوية بل إن إسرائيل تتمادى في تهويد مدينة القدس وضم المقدسات الإسلامية وتهديد لبنان وسوريا وبات الرهان عليها رهانا خاسرا وفقدت هيبتها كقوى عظمى بسبب رضوخها لسياسات إسرائيل ساعدها على ذلك الضعف والتراجع العربي ومع ذلك يصر العرب على أن الولايات المتحدة حامية الديمقراطية في العالم والمدافعة عن حقوق الإنسان والعدالة الدولية وحامية الشرعية الدولية، والدليل على ذلك احتلال العراق لنشر الديمقراطية، وانتهاكات سجن أبو غريب، ومعسكر غوانتنمو دليل على الدفاع عن حقوق الإنسان وقصف أفغانستان لضرب أي تحالف صيني روسي هندي، وقبل ذلك حصار العراق والذي مات بسببه عشرات الآلاف من الأطفال العراقيين.
إن الرهان على الولايات المتحدة مثل الرهان على أن إسرائيل ستعيد للعرب حقوقهم، ويبقى السؤال إلى متى سيظل هذا الرهان؟ لقد تحول الرهان إلى هوان وأصبح العرب رهينة للسياسات الأمريكية ينتظرون سنوات عسى أن تأتي إدارة أمريكية عادلة تجبر إسرائيل على إرجاع الحقوق العربية مادام العرب عاجزين على الفعل، وسيظلون كذلك عرضة للخداع والابتزاز.

إعلامي مصري