لا أزعم انني اطلعت علي هذه الإجندة أو همس أحدهم بتفاصيلها ها بالقرب مني أو أنني حتي استقيتها من مصادر رفيعة المستوي اتحفظ في ازاحة الستار عنها، ولكنها إجتهادات قد تصيب وقد تخيب.. وفي نهاية المطاف ndash; كما يقولون ndash; لكل مجتهد نصيب..

الأمر الذي أنا علي يقين منه، أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يعكف ndash; ساعة نشر هذه الأسطر للمطالعة - علي مراجعة مسودة جدول اعماله الذي سيحدد بوصلة لقاءه في شرم الشيخ مع الرئيس حسني مبارك.. هذه المسودة التى اقرؤها من الخيال الإعلامي شديد الرحابة ويضعونها هم وفق الواقع السياسي بالغ الضيق..

اجندة تخيلية، ولكنها تقوم علي واقع ملموس ترصده عواصم عالمية تشارك في الحراك السياسي العالمي وتدرك أبعاده سلبياته وإيجابياته بدرجة أو بأخري.. بينما ينكره بصلف وتعالي طرف الإسرائيلي المتغطرس الذي يستعد للقيام بالزيارة تحت مظنة ndash; وكثير من الظن إثم - أنها ربما تخفف عنه ما يلقاه من عنت الحليف الأمريكي الذي يطالب دون وجه حق بوقف البناء في المستوطنات !! والصديق الاوربي الذي يوافقه علي مجمل توجهاته !! والجارين المصري والأردني اللذين لا يعجبهما العجب..
أما دواعيها فتستنطق منطلقات عنصرية وإرهاب دولة إسرائيل الديموقراطية..

سيبدأ نتنياهو بمعاتبة الرئيس مبارك أولا علي خلفية وصف وزير خارجيتة احمد أبو الغيط لإسرائيل بـ quot; العدو quot; إبان زيارته الأخيرة لبيروت، حتي ولو كان المعني المستتر هو quot; عدواة إسرائيل للبنان quot;..
وسيجدها فرصة لكي يوسع حديثه عن سلاح حزب الله وكيف أصبح يهدد تل أبيب بعد أن كان يهدد شمال إسرائيل فقط، وسينطلق من هذه النقطة إلي دور سوريا في تعزيز قدرات المقاومة في الجنوب اللبناني..
عند هذا المنحني سيعرج نتنياهو إلي علاقة إيران بدمشق.. وكيف سمح التنسيق الإستراتيجي بينهما بتمرير صواريخ إلي معسكرات حزب الله مما أوقع وزيرة الخارجية الأمريكية في حيرة بالغة جعلتها لا تدري ما إذا كانت سياسات سوريا quot; تدعو للسلام أم للحرب quot;، بالرغم من وضوح النوايا ( يقول نتنياهو غامزا )..
وقبل ان ينتقل رئيس وزراء إسرائيل إلي البند التالي من أجندته سيحرص علي التأكد بأنه يريد السلام لبلده وللآخرين، شريطة أن يتوافق ويحقق أعلي ضمات بلده الأمنية.. ويمكن بعد ذلك النظر في إحتياجات الآخرين..

وسيحرص علي القول أن الضغوط الأمريكية بلغت اليوم حدها الأدني ( سيدلل علي ذلك بزيارة وزير دفاعه الحالية لواشنطن ) لأن تحالفه اليميني الإستيطاني أقوي من إدارة الرئيس أوباما لأنه مدعوم بقوة جماعات الضغط اليهودية الأمريكية التى تراعي مصالح تل ابيب أكثر من حرصها علي مصالح وطنها الأصلي..
وسيركز ثانياً علي حيرته حيال الجانب الفلسطينيى.. فمع من يتعامل فتح أم حماس !! ومن أين يحصل علي الضمانات الكافية لتحقيق الأمن والسلام ndash; للمنطقة كلها - إذا اتفق مع السلطة الوطنية الفلسطينية بزعامة محمود عباس، ورفضت الأطراف الأخري ما وقع عليه معه..

سيقول له أنه لا يثق في حماس، لأنها لم تراع حساسية وضعه عندما رفضت إستكمال مسيرة الإفراج عن الجندي جلعاد شليط..
وبالرغم من ذلك سيقول له انه ndash; تعبيراً عن حسن نيته تجاهها - ينوي أن يخفف من سياسات خنقه لشعب قطاع غزة.. بأن يزيل بعض المعابر ( لكي يضعها في أماكن أخري ) وسيسمح بمرور بعض المواد الحياتية التى تُمثل إحتياجاً يومياً مثل الغذاء والدواء والوقود ( علي شرط ان تكون من إنتاج إسرائيل ) وسيعمل علي إقناع حلفائه في الداخل بالموافقة علي الإفراج عن مجموعة السجناء اللذين تطالب بهم بهدف إعادة الجندي المخطوف لأسرته في أقرب وقت..
سيقول له ثالثاً أن إخلاء المستوطنات / المستعمرات التى إقيمت بالضفة والقطاع أمر مستحيل لأنها أرض وهبها الله لشعبه المختار، ولا يَصح لشعب إسرائيل المتدين أن يعصي أمر الرب..

سيعمل كل جهده لعرض أسباب اقترحه الأخير بإقامة دولة فلسطينية..
سيقول أنها:
-ليست دولة بالمعني المتعارف عليه، ولكنه كيان هلامي عشوائي مسحوق، سينشغل به الفلسطينيون عن مطالبهم الأساسية في العودة والقدس.. وربما تندلع بسببه حرب أهلية فيما بينهم بعد أن فشلت أفكار ومخططات أخري في إشعال مثل هذه الفتن..
-ليس لها حدود، لأن إسرائيل لا زالت بعد 62 عام بلا حدود..
-ستكون منزوعة السلاح، لأن إسرائيل ستتعهد أمام العالم أجمع بحمايتها ضد أعداء الداخل والخارج ولكي تتمكن من إجتياحها وقتما تشاء..
-ستكون سماؤها ومياهها الأقليمية ضمن دائرة التدخل الإسرائيلي..
-ستكون علاقاتها الخارجية رهن موافقة إسرائيل وأجهزتها الأمنية..
سيبين له ثالثاً مخاطر الإبقاء علي شرق القدس عربياً، وسيسهب في الحديث عن إستحالة أن يكون عاصمة للدويلة الفلسطينية التى يخطط لإعلان قيامها..
سيعرض عليه مخاطر تداعي المشروع الصهيوني وكيف سينسف _ إذا تلاشي وتبخر في الهواء ndash; حلم الأباء المؤسسين الأوائل، وسيطلب منه أن يتفهم حساسية مطلب أن تكون إسرائيل دول يهودية لليهود فقط..

سيحاول إقناعه أخيراً إن إصرار مصر علي الوصول بقضية الشعب الفلسطينى إلي اطار زمني يفضي إلي رؤية متفق عليها لسحب قوات إسرائيل من الأراضي التى تحتلها منذ اكثر من 40 عام، يعطل مشاريع الإستثمار والتنمية التى يمكن أن تُقدم إسرائيل من خلالها خبرتها ndash; اليوم قبل غد - إلي الدول العربية التى تتعامل معها من وراء ستار..
سيقول له أن المبادرة العربية التى طُرحت علي مستوى العالم منذ عام 2002 ينقصها بعض التوابل التى يري بحنكته السياسية أنها ضرورية لكي يُقنع عناصر الإئتلاف التى تتشكل منه حكومته بالموافقة عليها، وسيقترح عليه أن يُدعي للقمة العربية القادمة لعرض مقترحاته كلها مرة واحدة علي الزعماء العرب جميعاً.. إذ ربما يحظي بموافقتهم علي ما سيطرحه من أفكار..
إذا صحت هذه المخايلات بدرجة أو بأخري فليس من المستبعد ان يلغي لقاء شرم الشيخ أو يؤجل، وإن خاب أملي وعقد فيستغرق من الزمن ساعة ولن يصدر عنه بيان إعلامي..
من البداية قلت لكم أنها إجتهادات !!..

bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]