شاعت في الثقافة العربية الذكورية مقولة : يتمنعن وهو راغبات... وأيا يكن مصدرها وقائلها، فأنها عبارة عن كلام انشائي ليس له علاقة بالتحليل النفسي للمرأة وفيه اهانة لعقلها وارادتها، والخطير في مضمونها انها تنفي عن المرأة صفات تمتعها بالقيم الأخلاقية كالكرامة واحترام الذات والاخلاص للحياة الزوجية، وتصور كل أمرأة على انها تحمل في داخلها عاهرة ولكنها تتظاهر بالعفة والشرف!

وواضح ان من أطلق هذه المقولة ومن يؤمن بها ويروجها.. يحاول تبرير أقدامه على جريمة الاعتداء على حرية المرأة وملاحقتها بأستمرار والتحرش بها بدافع اوهام سخيفة همجية تجعله يظن ان كثرة الملاحقة والأساءة والأعتداء على حريتها ستجعلها في النهاية ترضخ لغزواته الذكورية، وان رفضها واستهجانها له ليس صادرا عن موقف اخلاقي فيه احترام للذات والكرامة.

والتمسك بهذه المقولة التافهة يفيد الرجل نفسيا ويخفف عنه الشعور بالإهانة عندما ترفضه المرأة التي يحاول ان يغزوها ويستخدمها للتسلية الجنسية... فالرجل هنا يستعمل هذه المقولة لتطيب خاطره والتخفيف من شعوره بجرح كبريائه وهزيمة وفشل غزوته بالتعلل بأن رفض المرأة له ليس حقيقيا وانها تضمر في داخلها رغبة الموافقة ولكنها تتمنع بشكل مفتعل ومؤقت وسترضخ في نهاية الأمر نتيجة الإلحاح!

اما بشأن صفات الخجل والحياء والتردد واخفاء المشاعر التي قد تبدو على بعض النساء... فهذه الصفات لاتقتصر على المرأة وحدها، وانما هي صفات تشمل جميع البشر رجالا ونساءا بلا استثناء وهي تتعلق بحالة الفرد العقلية والنفسية والمزاجية ومستوى توازنه النفسي ولايمكن تعميمها كأحكام مطلقة، فليس جميع النساء مترددات ويخفين مشاعرهن، وكذلك الرجال، لذا لايصح اطلاق الأحكام الانشائية على الناس.

وهذا السلوك الذكوري المتخلف الذي يحاول التقليل من انسانية المرأة بوصفها كائنا لديه عقل وارادة وقيم اخلاقية واحترام للذات... لايقتصر على الثقافة العربية فقط، بل هو اعتداء ذكوري ازلي حصل في جميع المجتمعات والشعوب عبر مراحل التاريخ ضد المرأة، فالرجل الذي حارب اخيه الرجل في معارك دامية طوال التاريخ وسفك دمه في السجون وميادين القتال... امتدت عدوانيته كذلك منذ فجر الخليقة نحو المرأة واضطهدها وظلمها في جميع العصور!

[email protected]