سافرت لمدة عشرة ايام إلى كوريا الجنوبية وبعين فاحصة تاملت حال البلد نظافتها شوارعها حالة المرور بها شعبها الطيب الودود، واخذت اقارن بين بلدى مصر وبين هذا البلد العملاق اقتصاديا، عرفت ان الدخل القومى لكوريا الجنوبية أكثر من دخل دول الخليج مجتمعة بما فيها عائدات البترول ووجدت نفسى اصاب بحالة من الحسرة والالم واذ فقدت التحكم فى عقلى ظل شاردا فى مقارنات بين بلدى مصر الحبيبة ودول اخرى مثل الصين، وتعجبت من شعبها الدؤوب غزا بانتاجة جميع دول العالم غزوا اقتصاديا شريفا، صاحب المدرسة الاقتصادية الجديدة quot; دراسة احتاج الشعوب quot; فصدر المنبة الاسلامى quot; بتغيير الرنات الى اذان quot; و السجادة ذو البوصلة والصور الدينية للشهداء والقديسيين المسيحيين والايات الاسلامية... فانتقلت مليارات الدولارات من دول المنطقة لاهل تلك البلد الجادين، واستنزف موراد الشعوب الخاملة quot; المتخلفة quot; التى لاتجيد سوى التغنى بالمجد العتيد
والشعارات الرنانة!!.نظرت بعين الحسرة على اسبانيا اتضح أن دخلها القومى من السياحة يفوق دخل دول الخليج من البترول، وأكتشفت أيضا أن أسبانيا لاتملك ما تملكة مصر من أثار أو مقومات سياحية، المدهش أن مدينتى الاقصر واسوان فقط يملكان 33 مائة من كنوز الاثار العالمية، ومع هذا دخل مصر من السياحة متواضع جدا بالمقارنة بموارد اسبانيا.
والهند صاحب الميار نسمة استثمر فى شعبة واصبحت الهند الاول عالميا لانتاج السوفت وير... فالمانيا العملاقة منذ خمس سنوات منحت خمسائة فيزا ميسرة للهنود القادمين للعمل فى سوق السوفت وير بها.

تاملت دول كثيرة لاتملك مانملكة من ثروة بشرية أو كنوز سياحية وطبيعة خلابة، واخذت اتساءل لماذا نحن متخلفين؟، لماذا مصر كلما تقدم بها التاريخ ضرب التخلف والتاخر بجزورها؟، والمحير فى الشأن المصرى أنها لم تتخلف عن الركب الأوروبى فحسب بل تخلفت أيضا عن الدول المحيطة بها، فقد تخلفت حتى عن بعض دول الخليج؟ لماذا؟
هل انعدام الموارد الطبيعية؟
هل انعدام الموار البشرية؟
هل الطقس؟

هل وهل.. اسئلة كثيرة اعادتنى بالذاكرة إلى أيام الدراسة بالجامعة، فى محاضرة الدكتور على لطفى رئيس الوزراء السابق، فى مادة موارد وتنمية بكلية التجاة بجامعة عين شمس، أرجع خلالها الدكتور على لطفى اسباب تخلف دول العالم الثالث إلى عدة اسباب، أذكر يومها أنه قال أهمها الاستعمار؟!

ولكن هل الاستعمار كان ومازال سببا كافىا لتخلفنا؟، العديد من الدول كانت مستعمرة، والان أصبحت عملاقة اقتصاديا، كوريا احتلت من اليابان لسنوات واليوم تمتلك سيادة اقتصادية وماركات عالمية تضارع اليابان وامريكا والمانيا فى صناعة السيارات: هونداى وكيا ودايو، بخلاف ريادتها فى الصناعات والاجهزة الاليكترونية مثل سامسونج..
إذا كان الإستعمار ليس سببا كافيا لتخلفنا هل من الممكن ان يعود هذا التخلف إلى الزيادة السكانية؟، ربما خاصة وأن الرئيس مبارك قد اشتكى كثيرا فى كلماته من الزيادة السكانية وتاثيرها السلبى على النهضة الاقتصادية، لكن بنظره سريعة على دول بحجم الصين والهند، يتجاوز عدد سكان كل منها المليار ومع هذا تهدد ا عروش الدولة الاولى فى العالم، وقد تم ترشيح الصين خلال العشر سنوات القادمة لكى تحتل الدولة رقم واحد عالميا محل الولايات المتحدة الامريكية، فى الوقت الذى أصبحت فيه الهند فى المركز الاول عالميا لانتاج السوفت وير، واستطاعت حكومة كل من الصين والهند فى تحويل الزيادة السكانية إلى ثروة بشرية تنتج وتبدع كل ماهو جيديد!

ربما يكون سوء ورداءة المناخ فى المنطقة هو السبب فى التخلف، فقد سمعنا قديما ان ارتفاع درجة الحرارة يؤدى إلى الخمول الجسدى والتبلد الذهنى، لكن الذى ينظر إلى دولة ماليزيا التى تقترب درجة الحرارة بها من الدرجات المرتفعة فى بعض دول المنطقة، يتضح أن ارتفاع درجة الحرارة لم يؤثر على الحكومة ولا الشعب الماليزى، حيث فاق التقدم الاقتصادى هناك جميع التوقعات العالمية، والتطور الاقتصادى هناك أكد عدم صحة ما نسب للمناخ وارتفاع درجات الحرارة من مسئولية التبلد والخمول والتخلف.
بصراحة لم يعد أمامنا سو الديانة، وفى مصر المسيحية والإسلام، فهل شدة تدين المصريين هى التى دفعتهم للتأخر؟، هل المسيحية والإسلام لا يشجعان المؤمن بهما على العمل والتطور؟، هل تتضمن هذه الديانات نصوصا تمنعهم عن التعلم والإبتكار؟، ما اعرفه وعلى يقين منه أن الديانة الإسلامية تتضمن العديد من الآيات التى تحض المسلم على تعلم وعلى العمل وعلى التفكر وعلى التدبر:quot; العمل عبادة quot; وقل اعملوا... وما أعرفه أيضا ان المسيحية تقدر العمل وتؤمن ان عمال الانسان الجيد برهان على ايمانة الجيد طبقا لقول يعقوب الرسول quot; ارينى ايمانك بدون اعمالك وانا باعمالى اريك ايمانى quot; يعقوب 5

إذا كان المناخ وزيادة السكان والديانة والإستعمار ليس له دخل بالتخلف الاقتصادى والعلمى والصناعى فما سبب تخلفنا فى مصر عن الركب الحضارى العالمى؟
اظن ان هناك عدة عوامل منها:
ـ الانظمة القمعية واهمالها الاستثمار فى المواطن.
ـ انعدام الحياة السياسية النزيهة فاصبح هناك الحزب الواحد والرجل الواحد واحزاب كرتونية و طربوشية تسبح بحمد النظام.
ـ بعض رجال الدين الذين اهتموا بالشكليات
ـ التعصب المقيت الذى غير مقاييس التقدم والترقى من مقاييس اكاديمية الى شكل ولون ودين.
ـ فقدان الانتماء الحقيقى لمصر.
ـ التخبط الاقتصادى والسياسي، فتارة اشتراكية واخرى راسمالية واخرى بين الاثنين والان لانعرف.
ـ ضياع بوصلة العديد من الكتاب والمفكرين المصريين فسخر الكثير اقلامهم لخدمة النظام او دول الخليج و دول الجوار.
يقال إن النهوض بمصر يحتاج الى تكاتف كل القوى السياسية، وأنه مرهون باحزاب قوية تنافس بشرف وامانة فى الحياة السياسية، وخطط ثابتة من كل علماء مصر لاتتغير مع تغير الانظمة، الفصل التام بين الدين و الدولة
السؤال الذى يطرح نفسه هل لو اخذنا بهذه الوصفات سوف نخرج من تخلفنا؟، هل سنيتيقظ من كبوتنا وغفوتنا؟، هل سنلحق بالركب التكنولوجى العالمى؟، هل سنتوقف عن استيراد الثقافة وتوطينها وسنشارك فى انتاجها؟
قيل : الادارة الحسنة خيرا من الدخل الجيد quot; مثل برتغالى quot;
وقيل أيضا : القيادة الصالحة توجد اتباعا صالحين quot; مثل هولندى quot;


[email protected]