في الوقت الذي دعت فيه إيران الى جولة جديدة من المفاوضات بينها وبين الدول 1+ 5 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) بشأن قضية ملفها النووي ، والذي من المقرر إجراءها في ألمانيا الخريف المقبل، أي في شهر أيلول القادم حسب ما أعلنه وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في لشبونة مطلع الشهر الجاري، فقد توقعت رئيسة الحكومة الألمانية quot; أنجيلا ميركل quot; فشل هذه المفاوضات ، حيث تعتقد ميركل ان إيران غير جادة في مساعيها لحل أزمة ملفها النووي مع المجتمع الدولي، وترى من المستبعد ان يؤدي الاجتماع القادم في التوصل الى نتيجة مرجوة. معتمدة بذلك على التجربة السابقة حسب قولها ، حيث استشهدت ميركل باللقاءات و المفاوضات العديدة السابقة بين إيران والدول الستة و التي لم تؤدي الى نتيجة محددة كما قالت ، وهذا ما دفعها للتشكيك في نتائج المفاوضات القادمة قبل انعقادها.


يأتي تصريح ميركل في الوقت الذي تسعى فيه طهران الى محاولة تهدئة الرأي العام الداخلي والخارجي الذي اخذ ينظر الى مسألة الصدام العسكري بين الجمهورية الإيرانية والغرب بجدية أكثر من ذي قبل، خصوصا بعد ان اخذ قرار العقوبات الأخير1929 ، الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي في حزيران الماضي ضد طهران ، طريقه الى التطبيق بجدية والتأثير مبكرا على الوضع الاقتصادي والسياسي الايراني ، حيث بدأت الكثير من الدول والشركات العالمية تعمل على تطبيق هذا القرار بسرعة فائقة، وهو ما جعل النظام الايراني يستشعر الخطر الحقيقي الذي سوف ينتج عن تطبيق كافة بنود هذا القرار ، لاسيما من جهة الأضرار التي سوف تلحق بقطاع النفط والنقل البحري والجوي،الى جانب الأضرار الكبيرة التي سوف تلحق بقطاع التجارة والمعاملات المالية مع الخارج ، وغيرها من الأضرار الأخرى.


و يعتقد بعض المراقبين ان إيران ستكون في المفاوضات القادمة ، أكثر جديدة من ذي قبل ، ويعود السب في هذا الاعتقاد ان طرفي المفاوضات ،الدول الستة ndash; هيئة حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية- إيران ،بات كل منهما يحسب لهذا الاجتماع حسابا خاصا، فكل طرف بات يراعي الأصول الدبلوماسية في هذا الشأن. فالطرف الاول صار يتهم الثاني بالعمل على كسب الوقت ، فيما الطرف الثاني يتهم الاول بالسعي لمنعه من الحصول على وسائل إنتاج الطاقة النووية. في الوقت نفسه اخذ الطرفان يظهران استعداداتهما العسكرية للمواجهة ، فالطرف الاول بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يقول ان الخيار العسكري للتعامل مع الملف النووي الايراني أصبح مطروح على الطاولة ، فيما الطرف الثاني بقيادة زعيمه مرشد الثورة آية الله quot;علي خامنئي quot; ،اصدر امرأ الى قيادة الحرس الثوري بالاستعداد للحرب، و جاء إصدار هذا الأمر خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر السنوي لقوات الحرس الذي انعقد مؤخرا. ليس هذا وحسب ، بل من الدلالات الأخرى على هذه الاستعدادات العسكرية يمكن الأخذ بتصريحات قائد القوات البرية للجيش الايراني اللواء quot; احمد رضا بوردستان،الذي أعلن فيها ان الجيش أكمل زرع مساحات واسعة في جنوب البلاد بالألغام الأرضية استعدادا لاستقبال المهاجمين، على حد قوله.


فعلى الرغم من تشاؤم رئيسة الحكومة الألمانية إزاء المفاوضات القادمة ، الا ان هناك من يرى في رسالة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، السيدة quot; آشتون quot; الى أمين عام مجلس الأمن القومي الايراني و مسؤول ملف المفاوضات حول الملف النووي الايرانيquot; سعيد جليليquot; قبل عدة أيام ، بأنها تحمل تفاؤلا بشأن اجتماع المفاوضات القادمة والتي يتوقع ان تجري وجها لوجه بين ممثلين عن الدول الست والسلطات الإيرانية ، وهو الأول منذ آخر لقاء كان بينهما في الاول من تشرين الاول/أكتوبر 2009 في جنيف والذي وصف وقتها بالايجابي.لقد أكدت آشتون في رسالتها تلك على الرغبة الفعلية للدول الست الكبرى في أقامة علاقة بناءة مع إيران ، حسب قولها.


ولكن ما بين تفاؤل quot; آشتون quot; وتشاؤم quot; ميركل quot; يبقى الشارع الايراني، الذي أخذت تزداد مخاوفه يوما بعد يوم من جراء سماعه للتصريحات المحملة بنذر الحرب التي يطلقها قادة النظام ، حابسا أنفاسه بانتظار ما سوف يؤل إليه هذا الاجتماع المرتقب.

كاتب من الأحواز