مؤامرة 6 7 ايار 1955
في الحديث الأخير توقفنا عند السؤال التالي: هل يقف المتآمرون موقف المتفرج من المزايا التي حصل عليها الكرد في الغرب التركي الثري؟. طبعاً لا...
المؤامرة الخطيرة التي تخطط لها الدولة السرية تتمحور حول كيفية التخلص من هؤلاء الكرد المهاجرين الذين إستقروا في الغرب التركي والمدن الكبرى وإجبارهم على العودة الى جنوب شرق وشرق تركيا، أي المناطق الكردية. في الآونة الأخيرة صار الكثيرمن الصحفيين والباحثين في الشأن السياسي يشيرون الى مشكلتين كبيرتين مع الوجود الكردي في تركيا. الأولى وهي المعروفة بالقضية الكردية مند تأسيس الجمهورية والأخرى quot;القضية الكردية في الغرب التركيquot;. الصحفي ارتوغرول اوزكوك المعروف بأنه رجل العسكر في الصحافة التركية كتب قبل مدة مقالاً بعنوان ( هل نحن مجبرون بالعيش مع الكرد؟) منوهاً من خلال مابين السطور بضرورة مغادرة الكرد الغرب التركي الى موطنهم وإن كان الثمن quot;الإنفصال الكرديquot;. حتى يسهل علينا فهم مؤامرة تصفية الكرد المهاجرين وطردهم، أجد من الأنسب الوقوف على المؤامرة التي أدت الى طرد المواطنين من أصل يوناني من تركيا في سنة 1955 والتي تسمى بحوادث quot;6 و7 أيارquot;الشهيرة. المواطنون من الأصل اليوناني في تركيا كانوا يٌديرون عالم المال والأعمال وكانت بيدهم املاك لاحصر لها. هؤلاء كانوا يسكنون بكثافة في استانبول وإزمير. دائرة الحرب الخاصة في رئاسة أركان الجيش (هذه الدائرة هي في الواقع تقود الدولة السرية والتي تحكم من وراء الستار) فرضت على حكومة عدنان مندريس عدم التدخل في شؤونها أثناء العمليات ضد المواطنين من ديانات غير إسلامية. في تلك الفترة من عام 1955 كانت المفاوضات تجري في لندن بين تركيا واليونان وبريطانيا التي كانت تستعمر جزيرة قبرص لتقريرمصيرها بعد الاستقلال. الأنباء التي كانت تصل الى الرأي العام التركي بشأن تلك المفاوضات كانت تروج للغبن والظلم الذي سيلحق بالقبارصة الاتراك نتيجة التآمرالبريطاني اليوناني. نتيجةً لتلك الشائعات صار الشارع التركي يرغد ويزبد غضباً وهاج الشعور القومي الى درجة الجنون. في الخامس من ايار سارت مظاهرة حاشدة في قلب استانبول تطالب فيها بالإنتقام من اليونان واليونانيين عامة. تم إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي أي السابع من ايار. منع التجول كان هشاً وشكلياً. الشرطة وقوات الجيش كانت متواطئة مع مدبري التآمر وكانت تغض الطرف عن الغوغاء وظهر ذلك لاحقاً في المحاكمات التي جرت بعد ستة سنوات أي بعد إنقلاب 1960. السلب والنهب والتخريب حسب ماورد لاحقاً في كشوفات المحكمة شملت: 73 كنيسة مقتل قسيس وجرح عدد كبير(المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة wikipedia) الأوامر كانت قد شددت على عدم الإقدام على القتل إطلاقاً. هرب كل المواطنين اليونانيين وعدد من الارمن وبعض من اليهود وغادروا وطنهم تركيا الى غير رجعة لينقذوا أرواحهم، لا يلوون على شيء تاركين وراءهم كل ماكانوا يملكون أباً عن جد منذ آلاف السنين. الشرطة اليونانية تمكنت فيما بعد من القبض على الفاعل الذي وضع القنبلة في حديقة الدار وكان طالباً في جامعة سالونيك ويدعى اوكتاي أنغين من اتراك اليونان وأقدم على فعلته تلك بدعم وتخطيط من السفارة التركية في اليونان. حصل هذا الشخص لاحقاً على الجنسية التركية وإستلم وظائفا حساسة في أجهزة الدولة مثل مديرية الأمن العام وجهاز الإستخباراتquot;ميتquot; وأخيراً محافظاً لإحدى الولايات. الحاكم العرفي العسكري في إزميرأثناء تلك الحوادث كان جمال غورسيل والذي قاد الإنقلاب العسكري عام 1960. الدولة السرية التي خططت ونفذت تلك الجريمة ألقت بالتهمة على الحكومة وذلك في المحاكمات التي أجراها الإنقلابيون عام 1960. غدر وكيد الدولة السرية وصل الى إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس بعد أن ألبست جريمتها عليه وعلى حكومته، ولكن الحقيقة ظهرت كاملة بعد حين. هذه المؤامرة القذرة يعرف تفاصيلها كل من في تركيا أو من يتابع صحافتها وقد إعترف بعض القائمين بدورهم فيها. أحد هؤلاء هو صبري يرمي بيش اوغلو الذي كان برتبة ملازم في (دائرة الحرب الخاصة) أثناء الحوادث ثم أصبح رئيساً لها بعد عدة سنوات وفي التسعينات كان قد إرتقى الى رتبة جنرال وسكرتيراً لمجلس الأمن القومي التركي. لقد صرح هذا الشخص أمام الصحافة بعد أن دخل مرحلة التقاعد بالحرف: حوادث 6 و 7 ايار كانت عملاً قامت به (دائرة الحرب الخاصة)، كان عملاً مجيداً ومنظماً بدقة ومهارة وقد حقق أهدافه. الدولة السرية بدأت بالشروع بمؤامرة مشابهة لما ورد آنفاً لتهجيرالكرد مرة أخرى ولكن بإتجاه الشرق هذه المرة.....هذا هو موضوع الحلقة القادمة والأخيرة... طبيب كردي سوري السويد
في هذه الأجواء المشحونة بالغضب والثأرمن يوم السادس من ايار إنطلقت شرارة الشروع بالمؤامرة من النباً الذي أذاعته دارالإذاعة التركية ومفاده أن البيت الذي كان قد ولد فيه الزعيم التركي مصطفى كمال في مدينة سالونيك اليونانية قد تعرض الى إعتداء بالقنابل. تلك الداركانت قد تحولت الى متحف. صحيفة quot;استانبول اكسبريسquot; التي كانت تصدر في استانبول أصدرت الطبعة الثانية في ساعات ظهر نفس اليوم لتنشر النبأ ذاته كعنوان رئيسي. هذه الصحيفة كانت تطبع عادةً 20 الى 30 ألف نسخة يومياً، إلا أن الطبعة الثانية موضوع البحث وصلت أعدادها الى 290 ألف نسخة في السادس من ايار إمعاناً في إثارة الغضب والحقد ضد المواطنين اليونانين. من جانب آخر كان قد تم الإعداد لتجميع أعداد غفيرة من الغوغاء تحت أمرة عناصرمدربة من إدارة الحرب الخاصة للقيام بمهماتها.
في الساعات الأولى من مساء ذلك اليوم هاجمت الغوغاء في استانبول وإزمير محلات ودكاكين وبيوت المواطنين اليونانيين تسلب وتنهب كل ماكانت تصل اليه أياديهم. حتى الكنائس لم تسلم من ذلك المصير. بل المقابر أيضاً تعرضت الى تلك الإعتداءات وإنتشرت عظام الموتى في العراء.
2 كاتدرائية
4340 محل ودكان
110 فندق ومطعم
3600 دار سكن
[email protected]
التعليقات