تبدو زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي لواشنطن و التي سيلتقي خلالها بالرئيس اوباما، من أکثر و أهم الزيارات أهمية و حساسية منذ توليه منصب رئيس الوزراء، ويعتقد العديد من المتابعين و المعنيين بالشأن الايراني بأن المالکي يريد أن يکسب دعم و حماية اوباما لنيل ولاية ثالثة بإمکانها منحه الحصانة و القوة السياسية الکافية و اللازمة لمجابهة خصومه و الوقوف بوجههم.

المالکي الذي لايبدو انه يحظى بحالة من الاجماع على إعادة إنتخابه لولاية ثالثة حتى من التيار الشيعي نفسه، يريد من خلال نيل الحظوة لدى اوباما دفعquot;الاکثرية الصامتةquot;من خصومه الى حسم مواقفهم بتإييد ترشيحه، وهو مايجعل موقف الرافضين الآخرين صعبا بل وحتى مستحيلا لأن المالکي عندما يضمن تإييد اوباما يبدو و کأنه قد حاز على مفتاحي بوابة بغداد التي سبق وان منحه الايرانيون المفتاح الاول لها.

الرئيس اوباما الذي سيستقبل المالکي في البيت الابيض، لن يکون إستقباله لهذه المرة عاديا او کسابق إستقبالاته له، بل هو إستقبال مميز و مهم للجانبين من العديد من الاوجه، ولئن کان لأوباما العديد من المطالب و التساؤلات و الاستفسارات، لکنها لاترقى في أهميتها و حيويتها و حساسيتها الى المطالب و التساؤلات و الاستفسارات التي في جعبة المالکي، خصوصا بعد أن صارت إلتزاماته(التي ليس لها من آخر) أمام طهران تسبب له الکثير من الاحراج و قبل ذلك تثقل من کاهله، مما يضطر المالکي للجوء الى واشنطن في سبيل التقليل من الصبغة الايرانية التي باتت تطغي على حکومته.

الشکوك التي تصل بعضها الى حد توجيه إتهامات الى حکومة المالکي بالتورط في الشأن السوري بأشکال و انماط مختلفة، هي الاخرى تشکل مصدر احراج خاص للمالکي و تقلل من مصداقية إدعائاته بخصوص إستقلالية موقف حکومته عن طهران، لکن ازمة الهجوم(الغامض) شکلا و(المعروف) مضمونا على معسکر أشرف في الاول من أيلول/سبتمبر والذي راح ضحيته 52 فردا قالت المقاومة الايرانية انهم قد تم إعدام أغلبهم ميدانيا، وکذلك تم إختطاف 7 آخرين عنوة، کانت هي الاخرى بمثابة قضية جديدة بالغة الاحراج يمکن القول بأن المالکي کان في غنى تام عنها، وان أصابع الاتهام التي تمتد کلها بإتجاه حکومة المالکي و تورطها في ذلك الهجوم بنائا على تصريحات و مواقف سابقة لمسؤولين عراقيين و شهادات ميدانية من الناجين من سکان أشرف من ذلك الهجوم، کما ان المناورة السياسية الاخيرة لطارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقية لبروکسل بناء على دعوة من البرلمان الاوربي و التي وصفها بعض المحللين بغزوة سياسية للهاشمي، إضافة الى الملل و الضجر في البيت الشيعي من العديد من اساليب و ممارسات المالکي في التعاطي مع أقرانه، تجعله في أمس الحاجة الى غطاء أمريکي کي يلتحف به و يقيه زمهرير الهجوم الشتوي المضاد العام الذي من المحتمل أن يشنه مختلف خصومه السياسيين ضده، لکن السؤال هو: هل يعلم الرئيس اوباما بنوايا رئيس الوزراء العراقي هذه؟ وإذا ماسلمنا جدلا بأنه يعلم بها فإن السؤال الاهم هو: ماهي ردود فعله ازائها؟ بطبيعة الحال طبيعة ردود الفعل ستکون لها إنعکاسات على أکثر من صعيد!